ليس في كلمات القدماء في المسألة تصريح بقسمي المجنون.
وأول ما رأيته في التذكرة قال فيها : «لو كان الجنون يعتوره اشترط الكمال طول الحول فلو جنّ في أثنائه سقط واستأنف من حين عوده». (١)
وظاهر كلامه إضرار الجنون ولو ساعة في طول الحول والالتزام بذلك مشكل جدّا إذ كثيرا ما يتفق الجنون واختلال الحواس للناس لبعض العوارض والأغذية في ساعة أو يوم والالتزام بقطع ذلك للحول بعيد.
وفي المدارك : «اما ذو الأدوار فالاقرب تعلق الوجوب به في حال الإفاقة إذ لا مانع من توجه الخطاب إليه في تلك الحال» ثم نقل عبارة التذكرة ثم قال : «وهو مشكل لعدم الظفر بما يدل على ما ادعاه». (٢)
والتحقيق ان يقال : لو ثبت بالدليل اشتراط العقل طول الحول كالبلوغ فالجنون آنا ما يضرّ فكيف بالساعة واليوم ولا يفيد صدق كونه عاقلا في الحول بالصدق المسامحي العرفي فان موضوعات الأحكام وان كانت تؤخذ من العرف لا من العقل ولذا نحكم بطهارة لون الدم وان كان بحسب الدقة بقايا اجزائه ولكن الملاك دقة العرف لا مسامحته فالعرف يحكم بالمسامحة على منّ من حنطة إلّا مثقال انه منّ وعلى الصوم من طلوع الفجر إلى الليل الا دقيقة انه صوم يوم ولكنه يتوجّه إلى انه مسامحة منه بحيث لو سئل عن حكمه بالدقة يحكم بالسلب ولذا لا نكتفي في الكر والنصاب والصوم ونحوها بالمسامحات العرفية فكذلك العرف في مثل من كان عاقلا طول السنة إلّا ساعة وإن كان يحكم بكونه عاقلا في السنة مسامحة ولكنه يتوجه إلى كونه حكما مسامحيّا فلا اعتبار بهذا الحكم العرفي المسامحي في تعيين الموضوعات الشرعية.
هذا ولكن الذي يسهّل الخطب أنه لا دليل على اعتبار عنوان العقل في المقام كما لا دليل على اعتبار عنوان البلوغ ، بل الذي ثبت بالأدلّة في المسألة السابقة عدم الزكاة في مال اليتيم وبعد إلغاء الخصوصية عدم الزكاة في مال الصغير وفي مسألتنا هذه عدم الزكاة في مال المختلط وإذا فرض أن امرأة تكون عاقلة طول السنة ولكنه عرضها جنون ما في بعض الساعات
__________________
(١) التذكرة ، ج ٥ ، ص ١٦.
(٢) مدارك الأحكام ، ج ٥ ، ص ١٦.