المعصوم الذي هو الحجة لقطعنا على أن قوله هو الحجة ولم نعتبر سواء على حال من الاحوال.» (١)
أقول : قوله : «إن قول المعصوم داخل فيهم» إن أراد به دخول شخص المعصوم في المجمعين وإن لم يعرف بشخصه ، كان الإجماع دخوليا لا محالة. ولكن يحتمل أنه لم يرد بذلك دخول شخص المعصوم في المجمعين ، بل أراد بذلك انكشاف قوله من اتفاق جميع العلماء في عصر واحد ، فيكون حجيته من باب اللطف الذي هو مبناه كما يظهر من موارد اخر من كلامه.
ومحصّل الكلام في المقام : أن عدّ الإجماع من الأدلّة الشرعية أمر أبدعه العامّة ، واستدلّوا لحجيته في كتبهم الاستدلالية وكان غرضهم من ذلك في بادئ الأمر ، تحكيم خلافة الخلفاء ولا سيّما الأوّل منهم بذلك. مع وضوح عدم تحقق الإجماع بالنسبة إليها ، وانما بايع أبا بكر في السقيفة خمسة : عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجرّاح وأسيد بن حضير وبشير بن سعد وسالم مولى ابي حذيفة. ثم أوجدوا جوّ الدعايات والإرهاب ، فلحق بهم الناس تدريجا ولم يبايع أمير المؤمنين عليهالسلام وسلمان وأبو ذر ومقداد وجمع آخرون. فالإجماع عند العامّة دليل مستقل في قبال الكتاب والسنة والعقل.
وكيف كان ، فلما واجههم على ذلك قدماء اصحابنا ومؤلفوهم ، قالوا لهم مماشاة : نحن أيضا نسلّم حجيّة الإجماع على فرض تحققه ولكن لا بعنوان دليل مستقلّ في قبال ساير الادلة ، بل لدخول المعصوم فيهم على ذلك ، ففي الحقيقة قوله الحجة والباقون من قبيل الحجر من جنب الإنسان.
والظاهر ان هذا صار سببا لادّعاء القدماء من اصحابنا الإجماع حتى في المسائل الخلافية بعد اعتقادهم بكون رأي خاص مطابقا لرأي الامام عليهالسلام ، لا بأن سمعوا الرأي من جماعة فيهم الإمام بلا معرفة لشخصه فانه فرض نادر بل غير واقع ، بل بسبب إحرازهم رأي الإمام عليهالسلام مما قام عندهم من الأدلّة المتعارفة من الكتاب والسنة والقواعد الدراجة المستنبطة منهما بضميمة اقوال جمع من الفقهاء.
ففي الحقيقة حكاية الإجماع من قبلهم ترجع إلى حكاية رأي الامام عليهالسلام على حسب
__________________
(١) عدة الاصول ، ج ٣ ، ص ٦٤.