القصر والإتمام. ولكن أمثال هذه المسألة قليلة جدّا.
كما أنّ الإنصاف أنّ إعراض المشهور من القدماء عن الروايات الصحيحة مع ظهورها وعدم تطرّق التأويل إليها يوجب وهنها وعدم الوثوق بإرادة ظواهرها ، فيشكل الإفتاء بها فتطرح أو يحتاط في المسألة وهو طريق النجاة.
وأما ما ذكره آية الله الخوئي ـ طاب ثراه ـ فيرد عليه أنّ ما دلّ على الإرجاع إلى ثقات الروات لا يدلّ على نفي غير ذلك وعدم حجيّة غير خبر الثقة.
بل الظاهر منها أنّ الملاك تحصيل الوثوق بالحكم من أيّ طريق حصل ، إذ التعليق على الوصف يدل على العلّية ، وعلى ذلك بناء العقلاء أيضا حيث يرون الوثوق وسكون النفس علما عاديّا يعتمدون عليه في أمورهم.
وليس هذه الأخبار في مقام إعمال التعبّد وجعل خبر الثقة حجّة تعبّدا. بل في مقام ذكر المصداق لما عليه العقلاء.
فقوله عليهالسلام في حقّ العمري : «فاسمع له وأطع فإنّه الثقة المأمون» وفي حقّه وحقّ ابنه : «فاسمع لهما وأطعهما فإنّهما الثقتان المأمونان» (١) علّل الإرجاع بأمر ارتكازي يحكم به العقلاء ، كما هو الغالب في التعليلات الواردة في الكتاب والسنّة حيث تقع لاستيناس ذهن السّامع ودفع استيحاشه المحتمل.
ويشهد لذلك قول الراويين للرضا عليهالسلام : «أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه ما أحتاج إليه من معالم ديني؟» قال : «نعم.» (٢)
إذ يظهر منه أنّ جواز الاعتماد على الثقة كان واضحا مفروغا عنه بلا تعبّد ، وإنّما السؤال وقع عن تعيين المصداق.
وعلى هذا فإن حصل بسبب عمل المشهور المتعبّدين بالنصّ وثوق بمضمون الرواية وجب الأخذ به ، وإذا حصل بإعراضهم عن الصحيح الترديد فيه وارتفع الوثوق بمضمونه لم
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٣٠ ، كتاب الحجّة ، باب في تسمية من راه عليهالسلام ، الحديث ١.
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٠٧ ، كتاب القضاء ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٣٣ ، ونحوه الحديث ٣٤.