موجبة للوثوق وسكون النفس غالبا فتكون ممّا لا ريب فيه عند العقلاء ومن البيّن رشده عندهم.
ولو فرض العلم بصدوره ولكن وقع الإعراض عنه من قبل بطانة الأئمة عليهمالسلام الواقفين على فتاواهم لم يكن ممّا لا ريب فيه ، بل كلّه ريب فيترك ويؤخذ بقول البطانة كما ظهر ذلك من خبر عبد الله بن محرز الذي مرّت الإشارة إليه (١).
فإن قلت : قول السائل بعد ذلك : «فإن كان الخبران عنكما مشهورين قد رواهما الثقات عنكم» (٢) ظاهر في الشهرة الروائيّة ، وإلّا فكيف يتصوّر الشهرة العمليّة في كلا المتعارضين؟
قلت : الشهرة بمعنى الظهور لا الأكثرية المطلقة ولذا يصحّ استعمال الأشهر. فيمكن ظهور كلتا الروايتين عند الأصحاب في مقام العمل في قبال ما فرض أوّلا من كون أحدهما مجمعا عليه والآخر شاذّا. ورواية الثقات لهما كناية عن عملهم بهما يفتي جمع منهم بهذا وجمع آخر بذاك. إذ الإفتاء في تلك الأعصار كان بنقل الرواية المعتبرة عندهم. ولو شك في أنّ المقصود بالشهرة في المقبولة الشهرة الروائيّة أو العمليّة أخذ بالقدر المتيقّن أعني كون إحدى الروايتين مشهورة رواية وعملا كما لا يخفى. هذا.
والمقبولة رواها المشايخ الثلاثة وتلقّاها الأصحاب بالقبول حتى اشتهرت بالمقبولة.
وصفوان بن يحيى في سندها من أصحاب الإجماع. وعن الشيخ في العدّة : أنّه لا يروي عن ثقة (٣). ومحمّد بن عيسى بن عبيد وإن ضعّفه الشيخ لكن قال النجاشي في حقّه : «إنّه جليل في أصحابنا ثقة عين.» (٤) وقال في حقّ داود بن حصين الأسدي أيضا : «إنّه كوفي ثقة.» (٥)
فيبقى الكلام في عمر بن حنظلة نفسه وقد رويت روايتان يستفاد منهما مدحه وصدقه ولكن في سند أحدهما يزيد بن خليفة وهو واقفي لم يثبت وثاقته وإن مال إليها بعض ، والخبر
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٧ ، ص ٤٤٥ ، الباب ٥ من أبواب ميراث الأبوين والأولاد ، الحديثان ٤ و٧.
(٢) الكافي ، ج ١ ، ص ٦٨ ، كتاب فضل العلم ، باب إختلاف الحديث ، الحديث ١٠.
(٣) عدّة الأصول ، ج ١ ، ص ٣٨٦ و٣٨٧ ؛ وتنقيح المقال ، ج ٢ ، ص ١٠٠ و١٠١.
(٤) رجال النجاشي ، ص ٣٣٣ (ـ ط. اخرى ، ص ٢٣٥) ؛ وتنقيح المقال ، ج ٣ ، ص ١٦٧.
(٥) رجال النجاشي ، ص ١٥٩ (ـ ط. اخرى ١١٥) ، وص تنقيح المقال ، ج ١ ، ص ٤٠٨.