الثاني : المفاهيم الانتزاعية المنتزعة عن الخارجيّات من دون أن يكون لها وجودات على حدة وراء وجودات مناشئ الانتزاع فتحمل عليها بنحو الخارج المحمول لا المحمول بالضميمة.
قال في المنظومة :
«والخارج المحمول من صميمه |
|
يغاير المحمول بالضميمة.» (١) |
قوله : «من صميمه» متعلّق بالخارج لا بالمحمول ، فيراد أنّه خارج من حاقّ الذات ولكنّه يحمل عليها.
وقد يمثل لذلك في كلماتهم بالفوقيّة والتحتيّة والقبليّة والبعديّة والأبوّة والبنوّة وأمثال ذلك من الإضافات المتكرّرة ، ويقال : إنّ الخارج ظرف لأنفسها لا لوجوداتها إذ لا وجود لواحد منها وراء وجود منشأ انتزاعه.
أقول : لنا فيما مثّلوا به كلام ، إذ الخارجيّة مساوقة لنحو من الوجود وإن كان ضعيفا كما في جميع الأعراض النسبيّة. والمقسم للجوهر والمقولات العرضية بأجمعها هو الموجود الممكن فيجب أن يتحقّق المقسم في جميع الأقسام ومرتبة وجود العرض غير مرتبة وجود المعروض لتأخّره عنه رتبة. فلا يبقى فرق من هذه الجهة بين البياض والعلم وغيرهما من الكيفيّات وبين مثل الفوقيّة والتحتيّة والأبوّة والبنوّة وغيرها من الإضافات المتكرّره وإن تفاوتت في شدّة الوجود وضعفه ، فيكون الجميع من أقسام المحمول بالضميمة.
نعم في المفاهيم العامّة المنتزعة عن الماهيّات الخارجيّة كمفهوم الذات أو الماهيّة أو الشيئيّة أو الإمكان ونحوها من المعقولات الثانية باصطلاح الفلسفي وكذلك المفاهيم العامّة المنتزعة عن الوجودات الخارجيّة كمفهوم الوحدة أو التشخّص يشكل القول بتحقّق الوجود لها خارجا وراء وجودات مناشئ الانتزاع للزوم التسلسل وغيره من المحاذير المذكورة في محلّه (٢). ويعبّرون عن مثلها بأنّ الاتصاف بها في الخارج ولكن عروضها لمعروضاتها في الذهن بعد تحليله وانتزاعها منها. وملاك انتزاعها مع أنّ الانتزاع لا يكون جزافا يحتاج إلى تأمّل وبيان أوفى.
__________________
(١) شرح المنظومة ، ص ٣٠ ، غوص في الفرق بين الذاتي والعرضي.
(٢) شرح المنظومة ، ص ٣٩ ، في تعريف المعقول الثاني وبيان الاصطلاحين فيه.