من أعامل أو عمّن آخذ وقول من أقبل؟ فقال له : العمري ثقتي ، فما أدى إليك عني فعني يؤدّي ، وما قال لك عني فعني يقول ، فاسمع له وأطع ، فإنّه الثقة المأمون. وأخبرني أبو علي أنّه سأل أبا محمد عليهالسلام عن مثل ذلك ، فقال له : العمري وابنه ثقتان. فما أدّيا إليك عني فعني يؤدّيان ، وما قالا لك فعني يقولان ، فاسمع لهما وأطعهما ، فإنّهما الثقتان المأمونان ...» ورواه الشيخ أيضا في كتاب الغيبة (١).
والرواية صحيحة وأحمد بن إسحاق شيخ القميّين من خواصّ أبي محمد عليهالسلام.
والمراد بالعمري وابنه : عثمان بن سعيد العمري وابنه محمد بن عثمان ، وكلاهما من نوّاب الناحية المقدسة.
وهل الرواية في مقام جعل الحجيّة التعبّديّة لروايتهما أو لفتواهما ، أو تكون إمضاء لما استقرّت عليه السيرة من العمل بقول الثقة المأمون رواية أو فتوى ، وإنّما تعرضت لكون الرجلين من مصاديق ما استقرت عليه السيرة؟ وجهان.
ظاهر تعليل الإمام عليهالسلام هو الثاني. إذ التعليل يقع عادة بذكر كبرى كليّة ارتكازيّة معلومة للمخاطب. وسبق العهد بكبرى كليّة شرعيّة بهذا المضمون بعيد جدا.
ثمّ هل تكون الرواية دليلا لحجيّة رواية الثقة أو فتواه ، أو كلتيهما؟ لعلّ الظاهر هو الأخير. إذ الفتوى في تلك الأعصار كانت قليلة المؤونة ؛ فإن ذكر الرواية بقصد الحكاية عن الإمام كان رواية ، وإن ذكرها بقصد الحكاية عمّا فهمه وأدركه من الحكم الشرعي كان فتوى.
١١ ـ ومنها ما رواه الكشي بسنده ، عن شعيب العقرقوفي ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام ، ربّما احتجنا أن نسأل عن الشيء ، فمن نسأل؟ قال : «عليك بالأسدي ، يعني أبا بصير.» (٢)
١٢ ـ ومنها ما رواه الكشي أيضا ، عن عبد الله بن أبي يعفور ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : إنّه ليس كلّ ساعة ألقاك ولا يمكن القدوم ، ويجيء الرجل من أصحابنا فيسألني وليس عندي كلّ ما يسألني عنه؟ فقال : «ما يمنعك من محمد بن مسلم الثقفي ، فإنّه سمع من أبي وكان عنده
__________________
(١) الكافي ، ج ١ ، ص ٣٢٩ ، كتاب الحجة ، باب في تسمية من رآه ، الحديث ١ ؛ والوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩٩ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤.
(٢) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٠٣ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٥.