فأقم للناس الحجّ ، وذكّرهم بأيّام الله واجلس لهم العصرين فأفت المستفتي وعلّم الجاهل وذاكر العالم.» (١)
ويشبه هذه الطائفة ما في قصّة بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مصعب بن عمير وعمرو بن حزم :
٢٣ ـ ففي سيرة ابن هشام في قصّة بيعة العقبة : «قال ابن إسحاق : فلمّا انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم معهم مصعب بن عمير ... وأمره أن يقرئهم القرآن ويعلّمهم الإسلام ويفقّههم في الدين.» (٢)
٢٤ ـ وفي السيرة ، والطبري : «وبعث رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عمرو بن حزم واليا على بني الحارث ليفقّههم في الدين ويعلّمهم السنّة ومعالم الإسلام.» (٣)
إذ تفهيم فروع الدين والأحكام لم يكن إلّا بالإفتاء فيها ، كما لا يخفى.
وتقريب الاستدلال بهذه الروايات أنّ فائدة الإفتاء هي ترتيب الأثر عليه والعمل على طبق الفتوى ، وإلّا وقع لغوا. فبدلالة الاقتضاء يفهم جواز العمل به.
الطائفة الخامسة من الروايات :
ما دلّ على حرمة الإفتاء بغير علم ، حيث يستفاد منها جواز أصل الإفتاء وصحّته :
٢٥ ـ فمنها ما رواه الصدوق في معاني الأخبار بسنده ، عن حمزة بن حمران ، قال : «سمعت أبا عبد الله عليهالسلام يقول : «من استأكل بعلمه افتقر.» قلت : إنّ في شيعتك قوما يتحمّلون علومكم ويبثّونها في شيعتكم ، فلا يعدمون منهم البرّ والصلة والإكرام؟ فقال : «ليس أولئك بمستأكلين ، إنّما ذاك الذي يفتي بغير علم ولا هدى من الله ليبطل به الحقوق طمعا في حطام الدنيا.» (٤)
٢٦ ـ ومنها ما رواه الكليني بسند صحيح ، عن أبي عبيدة ، قال : قال أبو جعفر عليهالسلام : «من أفتى الناس بغير علم ولا هدى من الله لعنته ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ، ولحقه وزر من عمل بفتياه.» (٥)
إلى غير ذلك من الروايات ، فراجع.
__________________
(١) نهج البلاغة ، فيض ، ص ١٠٦٢ ؛ عبده ، ج ٣ ، ص ١٤٠ ؛ صالح ، ص ٤٥٧ ، الكتاب ٦٧.
(٢) سيرة ابن هشام ، ج ٢ ، ص ٧٦.
(٣) سيرة ابن هشام ، ج ٤ ، ص ٢٤١ ؛ ونحوه في تاريخ الطبري ، ج ٤ ، ص ١٧٢٧.
(٤) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ١٠٢ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١٢.
(٥) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٩ ، الباب ٤ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ١.