بل ربّما يتوقّف الإفتاء في بعض المسائل السياسية أو الاقتصاديّة أو العسكريّة المستحدثة على معرفة خصوصيّات الموضوعات المستحدثة والإحاطة بأطرافها ونواحيها أيضا ، فيجب الاستمداد من المتخصصين فيها ؛ فلربّما يؤثّر ذلك في معرفة الحكم الشرعي المنطبق عليها ، فتدبّر.
وقد طال البحث في هذه المسألة فاعتذر من القرّاء الكرام. (١)
__________________
ـ منشوراته بأن الطريق الاوّل وهو تمركز القوى في شخص واحد مدى حياته كان يصلح في عصر كان ادارة المدن وتدبيرها امرا ساذجا ، ولكن اليوم حيث تحتاج ادارة وتدبير البلاد الى خبراء عديدة والى علوم متشتة التى لا تجتمع عادة في شخص واحد ، فقيها كان او غيره فلو قلنا بلزوم اجتماع المناصب الثلاثة في فقيه واحد الذى يكون خبيرا في الفقه فقط ، بل وفي غير الفقيه أيضا فذلك يوجب تفويت مصالح كثيرة مهمة من الشعب الّتي نقطع بعدم رضا الشارع بفواتها. وعلى هذا الأساس يصحّ للناس شرعا وعقلا ، بل يجب في بعض الصور ـ على ضوء مصالحهم العقلائية ـ أن يفكّكوا السلطات الثلاث ويوزعوها بنحو ينفكّ ويستقل بعضها عن بعض ، كما يصحّ ويحقّ لهم أيضا أن يحدّدوا كلّ واحدة منها من حيث الزمان والصلاحيات ، كما أنّ لهم أيضا أن يشترطوا على المنتخب لأىّ منها في عقد بيعتهم شروطا ـ لا تخالف الشرع ـ يرونها اصلح لهم ولبلادهم دينا ودنيا مثل أن يكون لهم حق الرقابة على اعمال السلطات الثلاث وان يعملوا هذا الحق في اشكال تناسب زمانهم ومكانهم كتشكيل الأحزاب والجرائد المستقلة وتأسيس اذاعات غير حكومية وما شابهها. ولا يخفى أنّ نظرية تفكيك القوى وارجاع كلّ امر الى الخبير فيه هى التى ربما تستفاد من كلام المحقق الاصبهانى ـ اعلى الله مقامه ـ في حاشيته على المكاسب (ص ٢١٤) حيث قال : «الفقيه بما هو فقيه اهل النظر في مرحلة الاستنباط ، دون الامور المتعلقة بتنظيم البلاد وحفظ الثغور وتدبير شئون الدفاع والجهاد وامثال ذلك فلا معنى لإيكال هذه الامور الى الفقيه بما هو فقيه وانما فوّض امرها الى الامام عليهالسلام لأنه عندنا أعلم الناس بجميع السياسات والاحكام فلا يقاس بغيره ممن ليس كذلك.» نعم اذا قام الشعب لتأسيس حكومة دينيّة كان للفقيه مضافا الى استنباط الاحكام وبيانها ، نظارته في تطبيق القوانين المدوّنة مع الشرع المبين. (تفصيل كلام الاستاذ ـ دام ظلّه ـ مذكور في الكتاب المسمّى ب «ديدگاهها»). (اللجنة)
(١) ولاية الفقيه ، ج ٢ ، ص ٧١ إلى ١٠٩.