التحريمية ـ مثلا ـ كل شبهة محكومة بالحرمة ظاهرا بحسب جعل الشارع هذه الحرمة لها ، وفي الوجوبية مثلا ، محكومة بالوجوب ، بل المجعول ليس إلّا وجوب الاحتياط حتى في التحريمية أيضا ، ولكن لا عن مصلحة في نفس الاحتياط بل المنظور من جعل هذا الوجوب هو انحفاظ الواقعيات.
واما القائل بالسببيّة ، فيقول : إن الاعتناء بقول العادل وتطبيق العمل على وفق قوله من حيث إنّه احترام له وتجليل ـ مثلا ـ يشتمل على مصلحة ملزمة مستتبعة للوجوب دائما ، حتى أنه لو أخبر بالاستحباب ـ مثلا ـ فلا يجب العمل بالمؤدّى ولا يستحب أيضا ، وإنّما يجب تطبيق العمل ، بمعنى أنه إذا أراد العمل ، وجب أن يكون على وفق قوله ، وما ذكره الأستاذ ـ مد ظلّه ـ من أن السلوك ليس عنوانا آخر وراء العناوين الواقعية ففيه نظر واضح فتأمل. (١)
٤ ـ جعل الأمارات خير محض
«إن الأحكام الظاهرية الثابته بالأمارات جعلت لنيل الأحكام الواقعية ، وجعل الأمارات خير محض لترتب انحفاظ الواقعيات عليه عند الإصابة ، وأن فوت الملاكات الواقعية فيما لم تطابق الأمارات مع الواقع لا يستند إليها بل إلى جهل المكلف ...»
لا يخفى أن ما ذكره الأستاذ ـ مد ظلّه ـ يتم في الشبهات البدوية كما إذا كان ما يعلم من الأحكام بمقدار ينحل به العلم الإجمالي بوجود الأحكام في الشريعة ، وأما إذا لم يكن كذلك ، بل كان العلم الإجمالي باقيا بحاله فلا يمكن اسناد فوت الواقعيات إلى جهل المكلف ولا إلى الأمارات المجعولة ، بل إلى اشتمال الاحتياط على مفسدة تامة موجبة للزجر عنه ففي الحقيقة يستند إلى زجر المولى عن الاحتياط. ولا يخفى أن ادعاء انحلال العلم الإجمالي مع قطع النظر عن الأمارات في غاية البعد. ثم لا يخفى أيضا أن في الشبهات البدوية أيضا يمكن استناد فوت بعض المصالح ـ مثلا ـ إلى جعل الأمارة ، كما إذا كان هناك علم إجمالي صغير فانحل بالأمارة المخالفة للواقع ، وكما إذا كان عموم لفظ او إطلاق ، مطابقا للواقع فقامت أمارة اخرى على
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ٤٤٧.