منهم كجزء المحصّل ، أو تكون مصلحة الفعل عائدة إلى المولى وإن لم يتصور ذلك في مولى الموالي ، وكذلك يمكن كون مصلحة الأمر أيضا عائدة إلى العبد ، ولو سلم أن مصلحة الفعل تعود إلى العبد ومصلحة الأمر إلى المولى ، فلا نسلّم وجوب تدارك المولى لما يفوت من العبد ، وليس هذا التقويت بقبيح ، فإن القبيح إنما هو تفويت المصلحة غير المزاحمة لا مطلقا. فافهم.» (١)
٣ ـ نقد القول بالسببيّة
«... إن القول بالسببيّة انما يتم إذا كان هناك عنوان ذو مصلحة وراء العناوين الواقعية ، حتى يقال : بأن المسألة (إذا كان مفاد الأمارة مخالفا للواقع) من مصاديق مسألة اجتماع الأمر والنهي ، وليس الأمر كذلك ، فان العنوان المتوهم هنا هو سلوك الأمارة وليس هو إلّا العمل بمؤداها»
أقول : لعلك ترى ما حرّرناه في رد السببيّة مشوشا والسر في ذلك أنه لم يتضح لي مراد الأستاذ ـ مد ظلّه ـ كاملا ، والظاهر ان مراد القائلين بالسببيّة بالمعنى الثالث ليس انحلال مثل «صدّق العادل» ـ مثلا ـ إلى الأحكام الخمسة ، بأن يكون الحكم المجعول موافقا لمؤدّى الأمارة ، بل القائلون بالطريقية أيضا لا يقولون بذلك ، بأن يكون المجعول فيما إذا قامت الامارة على الوجوب ـ مثلا ـ هو الوجوب ، وفيما إذا قامت على الاستحباب ، هو الاستحباب وهكذا ، بل الظاهر أن المجعول ـ لو كان في البين جعل ـ هو الوجوب مطلقا ، سواء قلنا بالطريقية او السببيّة ، وسواء كان المؤدّى وجوب شيء أو حرمته أو غيرهما من الأحكام.
فالمجعول في باب خبر الواحد ـ مثلا ـ ليس إلّا وجوب العمل على وفق مؤداها أيّ شيء كان ، لا حكم مماثل للمؤدّى ، حتى ينحل قوله : «صدّق العادل» مثلا إلى الأحكام الخمسة. غاية الامر أن القائل بالطريقية يقول : إن العمل بخبر الواحد والاعتناء بقوله وفرضه واقعا لا يترتب عليه اثر سوى إحراز الواقع على تقدير الإصابة ، فوجوب العمل وجوب طريقي كما في وجوب الاحتياط ، فإنّه أيضا لا ينحل إلى الأحكام الخمسة ، حتى يكون في الشبهات
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ٤٤٥.