لهذا الشرح ، فلمّا تدبّرته ظهر أنّ جميع ما يذكره على بن بابويه في الرسالة فهو عبارة هذا الكتاب ممّا ليس في كتب الحديث.
والظاهر أنّه كان هذا الكتاب عند الصدوقين وحصل لهما العلم بأنّه تأليفه عليهالسلام. والظاهر أنّ الإمام عليهالسلام ألّفه لأهل خراسان وكان مشهورا عندهم. ولما ذهب الصدوق إليها اطّلع عليه بعد ما وصل إلى أبيه قبل ذلك فلمّا كتب أبوه إليه الرسالة وكان ما كتبه موافقا لهذا الكتاب تيقّن عنده مضامينه فاعتمد عليها الصدوق.
والذي ظهر لي بعد التتبع أنّ علّة عدم إظهار هذا الكتاب أنّه لمّا كان التأليف في خراسان وكان أهلها من العامّة ـ والخاصّة منهم قليلة اتّقى ـ صلوات الله عليه ـ فيه في بعض المسائل تأليفا لقلوبهم مع أنّه عليهالسلام ذكر الحقّ أيضا ، لم يظهر الصدوق ذلك الكتاب وكان محذوفا عندهما وكانا يفتيان بما فيه ويقولان إنّه قول المعصوم.» (١)
أقول : وراجع في هذا المجال أيضا ما حكاه في المستدرك عن فوائد العلامة الطباطبائي ومفاتيح الأصول نقلا عن المجلسي الأوّل ـ قدّس الله تعالى أسرارهم ـ (٢)
وما ذكره لتوجيه اشتمال الكتاب على الفتاوى المختصّة بالعامّة ضعيف ، إذ الإمام عليهالسلام في خراسان لم يكن مبتلى بالتقيّة في قبال العامّة ، فعلى فرض كون الكتاب تأليفا له كيف يخرّب ويوهن كتابه المتقن الجامع بذكر عدد قليل من الفتاوى الباطلة فيه مع عدم الإجبار؟! وأئمتنا عليهمالسلام كانوا بصدد بيان الحقّ وقلع أساس الباطل مهما أمكن ، كما يظهر من مخالفاتهم في المسائل المختلف فيها بين الشيعة والسنة في الأبواب المختلفة كالعول والتعصيب ونحوهما. هذا.
٣ ـ واستند المجلسي الأوّل في كتاب الحجّ من الشرح الفارسي للفقيه في باب ما يجب على من بدأ بالسعي قبل الطواف بالفقه الرضوي وقال في أثناء كلامه :
«قال شيخان فاضلان صالحان ثقتان : إنّهما أتيا بهذه النسخة من قم إلى مكّة ، وكانت النسخة قديمة وعليها خطوط إجازات العلماء ، وفي مواضع منها خطّه عليهالسلام.
__________________
(١) روضة المتّقين ، ج ١ ، ص ١٦ ، شرح خطبة الفقيه ،
(٢) مستدرك الوسائل ، ج ٣ ، ص ٣٣٧ ، الفائدة الثانية من الخاتمة في شرح حال الكتب ومؤلفيها.