فان قلت : كيف يصير صرف احتمال التكليف منجزا موجبا لاستحقاق العقوبة على المخالفة.
قلت : لا مانع من منجّزية صرف الاحتمال كما في احتمال صدق مدّعي النبوة وكالاحتمال في الشبهات الحكمية قبل الفحص.
فان قلت : فالواجب في المقام أيضا التفصيل بين ما قبل الفحص وما بعده لا إنكار البراءة العقلية مطلقا.
قلت : فرق بين الشبهات الحكمية والموضوعية إذ في الأولى يصير صرف الاحتمال منجّزا للواقع ما لم يتفحص في مظانّ وجود الحكم وأما بعده فالعقل يحكم بقبح العقوبة حيث عمل العبد بكل ما هو وظيفته فيكون القصور من ناحية المولى وأما في المقام فخطاب المولى معلوم وقد فرض تعلقه بجميع الأفراد الواقعية النفس الأمرية ، فقد تمّ كل ما هو وظيفة المولى ، فلا يحكم العقل بقبح العقوبة من قبله فيجب على العبد ترتيب الأثر على الاحتمال سواء كان قبل الفحص أو بعده.» (١)
هذه خلاصة ما كان ـ رحمهالله تعالى ـ يصرّ عليه.
أقول : احتمال التكليف لا يصير باعثا ومحركا عقلا إلّا على الفحص وأما بعد الفحص وعدم إحراز الموضوع فيصير عقاب المولى على هذا الفرد المشكوك فيه عملا جزافيا وعقابا بلا حجة ، حيث إن العبد لا يكون مقصرا فانه كان بصدد إطاعة المولى وأفرغ وسعه في الفحص فهو حينئذ قاصر لا مقصر ، وعقاب القاصر قبيح ولو كان المولى لا يرضى بالمخالفة حتى بالنسبة إلى الأفراد المشكوكة كان عليه إيجاب الاحتياط حتى يصير بيانا بالنسبة اليها.
وبالجملة فالتنجز في الأفراد المشكوكة بعد الفحص يحتاج إلى متمم الجعل ولا يكفي الجعل الأوّلي لتنجيزها ولذا نلتزم بوجوب الاحتياط في الأمور المهمة ، إذ باهتمام الشارع بالنسبة اليها يكشف إيجاب الاحتياط فيها وأما إذا لم تحرز هذه المرتبة من الاهتمام ، فلا نسلم
__________________
(١) كتاب الصلاة ، حكم اللباس المشكوك ، تقرير الاستاذ مد ظلّه لأبحاث استاذه آية الله العظمى بروجردي ، مخطوطة.