علماء البلد او أطبائها او إعطاء كل واحد منهم درهما ... وفي القوانين أن الواجبات المشروطة بوجود شيء إنما يتوقف وجوبها على وجود الشرط لا على العلم بوجوده فبالنسبة إلى العلم مطلق لا مشروط ، فمن شك في كون ماله بمقدار استطاعة الحج لعدم علمه بمقدار المال لا يمكنه أن يقول اني لا أعلم أني مستطيع ولا يجب عليّ شيء بل يجب عليه محاسبة ماله ... ، ثم الذي يمكن أن يقال في وجوب الفحص أنه إذا كان العلم بالموضوع المنوط به التكليف يتوقف كثيرا على الفحص بحيث لو أهمل الفحص لزم الوقوع في مخالفة التكليف كثيرا ، تعين هنا بحكم العقلاء اعتبار الفحص ثم العمل بالبراءة كبعض الأمثلة المتقدمة». (١)
انتهى ما أردنا نقله من الرسائل.
أقول : الفرق بين قوله : «أكرم العلماء» وبين قوله : «أكرم علماء البلد أو أحضرهم» لعله من جهة أن سعة الموضوع في الأوّل وعدم التمكن من استيعاب أفراده غالبا قرينة على عدم إرادة الاستيعاب ، بل ذكرهم بعنوان المصرف بخلاف الثاني فان المراد منه ما هو ظاهره من الاستيعاب.
ثم أقول : لو كان الشك في الموضوع مما يرتفع بمثل النظر أو المراجعة إلى الدفتر بلا صعوبة فالظاهر انصراف أدلة الحلية والبراءة عن مثله ، فلو شك في أن ما في الوعاء ماء أو خمر وكان يرتفع شكه بصرف التوجه والنظر أو شك في أن طلب زيد منه مأئة أو مائتان ويرتفع بصرف النظر في دفتر محاسباته فهل يجري في مثله حديث الرفع ونحوه؟ الظاهر من الحديث ولا سيما بقرينة سائر فقراته التسهيل على الأمة والامتنان عليهم برفع موارد الكلفة والمشقة وظاهر أنّه لا كلفة ولا مشقة في صرف النظر ونحوه.
وبالجملة فمن علمه في كيسه ودفتره ، لا يسمى جاهلا محتاجا إلى الإرفاق والتسهيل فموارد البراءة والحلية الشك المستقر الموجب للتحير والاحتياج إلى تعيين الوظيفة. نعم في خصوص باب الطهارة والنجاسة لا يجب النظر أيضا كما يدلّ عليه قوله في صحيحة زرارة :
__________________
(١) فرائد الاصول ، ج ٢ ، ص ٤٤١ ، طبع جديد.