أنّه يتحقق أو فعله بقصد أنّه لعلّه يتحقق. والمناط في المعاونة على الإثم هو القصد وتحقق المعاون عليه معا ، فلو تحقق يأثم بالاعتبارين.
ومن هذا يظهر حال الرابع أيضا ، أي اشتراط العلم بمدخلية عمله في تحقق المعاون عليه أم لا ، وذلك كما إذا علم أنّ علم أن زيدا الظالم يقتل اليوم عمروا ظلما فأرسل إليه سيفا لذلك مع عدم علمه بأنّه هل يحتاج إلى هذا السيف في قتله وله مدخلية في تحقق القتل أم لا؟ فإنّه يكون آثما في الإرسال قطعا ، فإن اتفق احتياجه إليه وترتب القتل عليه يكون معاونا على الإثم أيضا وإلّا فلا.
ثم إذا أحطت بما ذكرنا تعلم ما ذهب إليه الأكثر من جواز بيع العنب ممّن يعلم أنّه يجعله خمرا ما لم يتفق عليه وحرمته مع الاتفاق عليه.
أمّا الأوّل فلأنّ المقصود من البيع ليس جعل ذلك خمرا فلا يكون إعانة على الإثم. وذلك مثل حمل التاجر المتاع إلى بلد للتجارة مع علمه بأنّ العاشر يأخذ منه العشور.
وأمّا الثاني فلأنّ مع الاتفاق عليه أو شرطه يكون البائع بائعا بقصد الحرام فيكون آثما وإن لم يكن لأجل المعاونة على الإثم لو لم يتحقق جعله خمرا.
ومن هذا يظهر عدم الحاجة إلى التأويلات البعيدة في الروايات المصرّحة بجواز بيع العنب لمن يعلم أنّه يجعله خمرا والخشب لمن يجعله برابط وإجارة السفينة لمن يحمل الخمر والخنزير ، بل تبقي على ظاهرها.
ومن ذلك أيضا يظهر سرّ ما ورد في روايات كثيرة من جواز بيع المتنجّس من الذمي والميتة لمستحلّ الميتة مع كون الكفّار مكلّفين بالفروع ، فإنّه لا ضير في ذلك لأنّ البائع لم يفعل حراما.» (١)
أقول : أما ما أشار إليه في أثناء كلامه وفصّله في العائدة السابقة من أنّ الإتيان بمقدمة الحرام بقصد التوصل بها إليه يكون محرما شرعا وإن لم يترتب عليها ، فهو ممنوع وإلّا لزم
__________________
(١) عوائد الأيّام ، ص ٢٦ ، العائدة السابعة.