ولذا ترى أنّه لا يقال للدافعين أثوابهم إلى الخياط إنّهم أعانوه على صنعة الخياطة وتعلّمها ، مع أنّه لو لا دفع أحد ثوبه إليه لم يتعلّم صنعة الخياطة.
ولو دفع أحد ثيابا متعددة إلى شخص ليخيطها وكان غرضه ترغيبه إلى تعلمها وتحسينها حتى صار ذلك سببا لتعلّمها يقال عرفا إنّه أعانه عليها. وكذا التاجر لا يتجر لو علم أنّ أحدا لا يشتري منه شيئا أو لا يبيعه ، فللبيع والشراء منه مدخلية في تحقق التجارة منه ولا يقال للبائعين والمشترين إنّهم معاونوه على التجارة ، بخلاف ما لو باع أحد منه واشترى منه لترغيبه في التجارة وتعلّمه لها فيقال : إنّه أعانه عليها.
وأما الثاني : فالظاهر أيضا اشتراطه ، فلو فعل أحد عملا قد يترتب عليه أمر ويكون له مدخلية في تحقق ذلك الأمر ولم يترتّب عليه ذلك فلا يقال : إنّه أعانه على ذلك الأمر وإن كان مقصوده منه إعانة شخص آخر في تحقّق ذلك وحصوله.
ولكن لو كان ذلك الأمر الذي يريد المعاونة عليه إثما ومحرما يكون ذلك الفعل الذي صدر من المعاون أيضا إثما وحراما ، لما علم في العائدة السابقة ، كما لو قلنا بكونه معاونة على الإثم ، غاية الأمر إختلاف جهة الحرمة ولو قلنا بكون ذلك أيضا معاونة على المحرم يحرم بالاعتبارين. وعلى هذا فلو غرس أحد كرما بقصد عصر الخمر منه للخمّارين فهو عاص في هذا الغرس آثم مطلقا ، فلو أثمر وحصل منه الخمر وشرب يكون معاونة على الإثم أيضا ويكون حراما من هذه الجهة أيضا. ولو لم يتفق فيه ذلك حتى قلع لا يكون معاونة على إثم ولكن يكون حراما لأجل قصده.
وأما الثالث : وهو العلم بتحقق المعاون عليه وبترتبه على عمله فهو لا يشترط ، فإنّه لو غرس كرما بقصد أنّه لو أراد أحد شرب الخمر كان حاضرا فأثمر وأخذ منه الخمر وشرب يكون عمله معاونة على الإثم ، وإن لم يؤخذ منه الخمر لا يكون معاونة وإن أثم في غرسه بهذا القصد. فالمناط في الإثم والحرمة مطلقا هو العمل مع القصد سواء ترتب عليه ما قصد ترتبه عليه أم لا. وسواء علم