البائع للعنب بمقصد نفسه ممن يجعله خمرا معين على الإثم ومساعد له فيه. بل لو أوجد ما يتوقف عليه مجّانا لغرض آخر غير توصّله إلى الموقوف لا يصدق أنّه أعانه وساعده عليه.
والتشبّث ببعض الروايات والآيات لنفي اعتباره مع أنّ الاستعمال فيها من قبيل الاستعارة ونحوها في غير محلّه.
وأمّا الصدق على إعطاء العصا والسكّين لمريد الظلم والقتل حينهما فلعلّه لعدم التفكيك في نظر العرف بين إعطائه في هذا الحال وقصد توصّله إلى مقصده.
ولهذا لو جهل بالواقعة لا يعدّ من المعاون على الظلم ، فلو أعطاه العصا لقتل حيّة واستعمله في قتل إنسان لا يكون معينا على قتل الإنسان. وبالجملة إنّ الصدق العرفي في المثال المتقدم لعدم التفكيك عرفا ، ولهذا لو اعتذر المعطي بعدم إعطائه للتوصّل إلى الظلم مع علمه بأنّه أراده لا يقبل منه.» (١)
أقول : قوله (قده) : «والتشبث ببعض الروايات» إشارة إلى ما يأتي الإشارة إليها ممّا استعمل فيها لفظ الإعانة ومشتقاتها فيها لا قصد فيه.
وقوله : «وأمّا الصدق على إعطاء العصا والسكّين» إشارة إلى ما يأتي عن المقدس الأردبيلي في آيات أحكامه.
وأمّا ما ذكره (قده) من المثال ببناء المسجد وغيره فيمكن أن يناقش بأنّ المتبادر من الإعانة على البرّ والأمور الدينية في الاصطلاح الدارج بين المتشرّعة هو الإقدام فيها تبرعا وقربة إلى الله ـ تعالى ـ وهذا اصطلاح خاصّ دارج بيننا ، فلا يجوز أن يجعل ملاكا ومقياسا لمفهوم الإعانة بحسب اللغة والعرف العامّ ، فلعلّها بحسب اللغة موضوعة لكلّ ما له دخل في تحقق الفعل من الغير ، والآية تحمل على المفهوم اللغوي والعرف العامّ وحمل الاستعمالات الكثيرة الواردة في الروايات على الاستعارة والمجازيّة يحتاج إلى دليل متقن.
ثمّ إنّه (ره) بعد اختيار اعتبار القصد في مفهوم الإعانة استدرك على كلامه هذا فقال :
«ثمّ إنّه على القول باعتبار القصد وتحقق الإثم في مفهومها لقائل أن يقول بإلقاء
__________________
(١) نفس المصدر ، ج ١ ، ص ١٤٢ (ط. اخرى ، ج ١ ، ص ٢١٢).