المتأخّر لصدقها ، وكلاهما خلاف المتفاهم العرفي ، أو يقال : لا يصدق الإعانة على الإثم حتى وجدت السرقة ، فالفعل المأتي به لتوصّل الغير إلى الحرام مراعى حتى يوجد ذو المقدمة وبعده يقال : إنّه أعانه عليه ، وهو أيضا خلاف الواقع ، أو يقال : إنّ صدقها فعلا باعتبار قيام الطريق العقلائي على وجود الإثم ، وبعد التخلّف يكشف عن كونها تجريا لا إعانة ، وهو أيضا غير صحيح لأنّ الطريق العقلائي عليه لا يتّفق إلّا أحيانا ، ومع عدم القيام أيضا يقال : إنّه أعانه على إيجاده.
وإن شئت قلت : فرق بين كون الإثم بمعنى اسم المصدر وكونه بمعنى المصدر في صدق الإعانة ، فعلى الأوّل يعتبر في صدقها الوجود بخلاف الثاني ، والمقام من قبيل الثاني. لكن مع ذلك كلّه لا يخلو الصدق من خفاء والمسألة من غموض وإن كان الصدق أظهر عرفا.» (١)
أقول : اسم المصدر ينتزع من المصدر ، فهما متساويان صدقا مختلفان بالاعتبار فقط ، فالحدث كالإثم مثلا بلحاظ صدوره عن الفاعل وإضافته إليه يكون مصدرا وبلحاظه في نفسه يسمّى اسم المصدر ، وعلى نظر الأستاذ يكون المصدر أعمّ من اسم المصدر ، وقد عرفت أنّ الإعانة أمر إضافي متقوم بأطراف الإضافة ومنها المعان عليه فلا تتحقق بدونه.
وعلى فرض القول بحرمة إتيان مقدمة الحرام بقصده حرمة شرعية فالمراد إتيان فاعل الحرام لمقدمة فعل نفسه لا إتيان الغير لمقدمة من مقدمات فعل الآخر.
نعم على فرض كونها إعانة على الإثم وحرمتها شرعا تكون حرمتها من هذه الجهة ، ولكن المفروض عدم تحققها لعدم تحقق أحد مقوماتها فلا يصدق عصيان حكم الإعانة وإن صدق التجري بالنسبة إليه وهذا أمر آخر غير العصيان.
اللهم إلّا أن يقال ـ كما يظهر من عبارة المتن الآتية أيضا ـ : إنّ تخمير العنب غاية تملك المشتري وواجديته للعنب لا بيع البائع له ، وإنما الغاية لبيع البائع تملك المشتري له وهو أمر مقصود للبائع قهرا ومتحقق جزما. فإذا فرض كون تملكه له حراما ـ كما إذا وقع منه بقصد التخمير وقلنا بحرمة الإتيان بمقدمة الحرام بقصد الحرام مطلقا أو في خصوص التخمير إذ لا
__________________
(١) المكاسب المحرمة للإمام الخمينى (ره) ، ج ١ ، ص ١٤١ (ط. اخرى ، ج ١ ، ص ٢١١) ، في النوع الثاني من القسم الثاني.