الشخصين دخلهما في عمل واحد شخصي في عرض واحد.
هذا ما ذكرناه هناك ، ونضيف هنا : أنّه إذا فرض كون الحرام إعانة أحد الشخصين لآخر في عمل وإعانة الآخر له في عمل آخر فهنا محرّمان مستقلان ولا دخل لأحدهما في حرمة الأخر ولا ارتباط بينهما ، فلا يرى على هذا وجه لاستعمال باب التفاعل الظاهر في ارتباط الفعلين وكونهما محكومين بحرمة واحدة ، بل كان المناسب أن يقال : لا يعين أحد منكم غيره في الإثم والعدوان.
فاستعمال باب التفاعل وتعلق نهي واحد به ظاهران في كون المنهي عنه اشتراكهما في عمل واحد قائم بشخصين أو بأشخاص ، بحيث لا يتحقق غالبا إلّا بالاشتراك والتعاون ، مثل أن يجتمع جماعة على قتل نفس محترمة أو هدم مسجد بحيث يكون كلّ واحد منهم معينا للآخرين في إيجاد فعل محرّم ، إذ الأفعال التي يترتب عليها المصالح أو المفاسد على نوعين : بعضها مما يقوم بشخص واحد وبعضها مما لا يتحقق غالبا إلّا بالشركة فيه.
فالمتبادر من الآية النهي عن التعاون في الأعمال الاشتراكية المشتملة على المفاسد والأمر بالتعاون في الأعمال الاشتراكية المشتملة على المصالح. وكون مادّة العون ظاهرة في كون أحد الشخصين أصيلا ومستقلا والآخر فرعا له ممنوع ، بل الظاهر من هيئة التفاعل كون الشخصين متلبسين بالمادّة في عرض واحد ، فتدبّر.
وكيف كان فلا دلالة في الآية الشريفة على حرمة الإعانة على الإثم شرعا بمعنى كون أحد أصيلا في عمل والآخر فرعا له موجدا لبعض مقدمات فعله ، بل لم نجد بذلك دليلا من السنة أيضا.
نعم لا إشكال في حرمة الإعانة على الظلم لما ورد في ذلك من أخبار أهل البيت عليهمالسلام :
ففي صحيحة أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهالسلام : «إيّاكم وصحبة العاصين ومعونة الظالمين.» (١)
وفي رواية السّكوني ، عن جعفر بن محمّد ، عن آبائه عليهمالسلام قال : «قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : إذا كان يوم القيامة نادى مناد : أين أعوان الظلمة ومن لاق لهم دواتا ، أو ربط كيسا ، أو مدّ لهم مدّة قلم؟
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٢ ، ص ١٢٨ ، الباب ٤٢ من أبواب ما يكتسب به ، الحديث ١.