وأمّا رواية ابن أبي حمزة فمضافا إلى ضعف السند فيها ، أنّها أجنبية عن رفع المنكر فضلا عن دفعه لاختصاصها بحرمة إعانة الظلمة.» (١)
أقول : أمّا ما ذكره أوّلا فيأتي البحث فيه عن قريب عند تعرّض المصنف له. (٢)
وأما ما ذكره من الفرق بين الرفع والدفع فقد أجاب عنه الأستاذ (ره) بما مرّ من إلغاء الخصوصية بمناسبة الحكم والموضوع ، قال (ره) :
«وهل ترى من نفسك أنّه لو أخذ أحد كأس الخمر ليشربها يجوز التماسك عن النهي حتى يشرب جرعة منها ثم وجب علينا النهي؟!» (٣).
نعم الظاهر صحة ما ذكره من الفرق بين المعاصي المهمة التي لا يرضى الشارع بوقوعها كيف ما كانت وبين غيرها ، كما مرّ ، ففي القسم الأوّل يجب السعي في عدم وقوعها وعدم استمرارها بأيّ نحو كان ، لا من باب النهي عن المنكر بل لكونها مبغوضة للمولى وإن فرض صدورها عما لا تكليف له كالصغار والمجانين ، بل والبهائم والحوادث الطبيعية كالزلزلة ونحوها ، بخلاف القسم الثاني. ولا فرق في كليهما بين الرفع والدفع ، وليس الدفع مطلقا عبارة عن تعجيز الفاعل. ومورد رواية ابن أبي حمزة من الموارد المهمة.
وبالجملة ففي غير الموارد المهمة وإن وجب النهي عن المنكر رفعا ودفعا رعاية لمصلحة الفرد لكن لا إلى حدّ يصل إلى الإلجاء والتعجيز ، ولذا لا يجوز فيها إعمال الضرب والجرح أيضا إلّا بإذن الحاكم إذا رآهما صلاحا ، وفي الحقيقة يلاحظ فيهما مصلحة المجتمع لا مصلحة الفرد فقط.
«وهذا وإن دلّ بظاهره على حرمة بيع العنب ولو ممّن يعلم أنّه سيجعله خمرا مع عدم قصد ذلك حين الشراء ، إلّا أنّه لم يقم دليل على وجوب
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ١٨١ وما بعدها ، في المسألة الثالثة من القسم الثاني من النوع الثاني.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٣٥٩.
(٣) المكاسب المحرمة للإمام الخميني (ره) ، ج ١ ، ص ١٣٧ (ط. اخرى ، ج ١ ، ص ٢٠٦) ، في النوع الثاني من القسم الثاني.