ويظهر من بعض رواياتنا أيضا وضوح هذا المضمون في عصر الأئمة عليهمالسلام وإمضائهم له فروى الشيخ بسند صحيح عن جعفر بن رزق الله قال : قدم إلى المتوكل رجل نصراني فجر بامرأة مسلمة وأراد أن يقيم عليه الحد فأسلم فقال يحيى بن اكثم : قد هدم ايمانه شركه وفعله وقال بعضهم : يضرب ثلاثة حدود وقال بعضهم : يفعل به كذا وكذا فأمر المتوكل بالكتاب إلى أبي الحسن الثالث عليهالسلام وسؤاله عن ذلك فلما قدم الكتاب كتب أبو الحسن عليهالسلام : «يضرب حتى يموت» فأنكر يحيى بن اكثم وانكر فقهاء العسكر ذلك وقالوا يا أمير المؤمنين سله عن هذا فانه شيء لم ينطق به كتاب ولم تجيء به السنة فكتب أن فقهاء المسلمين قد انكروا هذا وقالوا : لم تجيء به سنة ولم ينطق به كتاب فبيّن لنا بما اوجبت عليه الضرب حتى يموت فكتب : «بسم الله الرحمن الرحيم ، (فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللهِ وَحْدَهُ وَكَفَرْنا بِما كُنَّا بِهِ مُشْرِكِينَ فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا سُنَّتَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ فِي عِبادِهِ وَخَسِرَ هُنالِكَ الْكافِرُونَ.») قال : فأمر به المتوكل فضرب حتى مات. (١)
وجعفر بن رزق الله لم يذكر بمدح ولا بقدح إلّا أن يورث نقل محمد بن أحمد بن يحيى عنه نحو اعتماد عليه.
فيظهر من الحديث أن هدم الإسلام لما قبله كان بحدّ من الوضوح يعرفه النصراني أيضا ولذا أسلم بقصد الفرار من الحد والإمام عليهالسلام أيضا لم ينف هذا المعنى بل كأنه أمضى أصله كما أثبته الفقهاء وإنّما أشار إلى نكتة دقيقة مستنبطة من كلام الله العزيز وهو أن الإيمان المفيد الهادم لما قبله هو الإيمان الصحيح لا ما حصل بقصد الفرار عن البأس فانه غير نافع.
وروى الكليني بسند صحيح عن ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليهالسلام في نصراني قتل مسلما فلما أخذ أسلم ، قال : «أقتله به» الحديث (٢) ويظهر الاستدلال به مما سبق.
وفي الدعائم في صلاة الجمعة : روينا عن جعفر بن محمد ، عن أبيه ، عن آبائه عن علي عليهالسلام
__________________
(١) الوسائل ، ج ١٨ ، ص ٤٠٨ ، الباب ٣٦ من أبواب حد الزنا ، الحديث ٢.
(٢) الوسائل ، ج ١٩ ، ص ٨١ ، الباب ٤٩ من أبواب القصاص ، الحديث ١.