الأجداد المتوفين والقبائل القديمة ممّا لا يتحقّق فيه الرؤية ومعرفة الفراش فدعت الحاجة إلى اعتماد التسامع ...
وأما الملك فإنّ أسبابه متعدّدة ، وتعدّدها يوجب عسر الوقوف عليها فيكتفي فيه بالتسامع أيضا.
وأما الموت فلتعذّر مشاهدة الميّت في أكثر الأوقات للشهود.
والوقف والعتق لو لم يسمع فيهما الاستفاضة لبطلا على تطاول الأوقات لتعذّر بقاء الشهود في مثل الوقف ، والشهادة الثالثة غير مسموعة فمسّت الحاجة إلى إثباتهما بالتسامع.
ومثلهما النكاح فإنّا نعلم أن خديجة زوجة النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس مدركه التواتر لأنّ شرطه استواء الطرفين والوسائط في العلم الحسي وهو منفي في الابتداء لأنّ الظاهر أنّ المخبرين لم يخبروا عن المشاهدة بل عن السماع ...» (١) هذا.
وأجاب في مصباح الهدى عن هذا الوجه بأنّه لو تمّ لكان حكمة لتشريع اعتبار الشياع لا طريقا لإثبات اعتباره كما هو المدّعى. (٢)
أقول : مرجع ما ذكره في المسالك إلى ادعاء الانسداد الصغير بدعوى العلم إجمالا بالتكليف ، وعدم إمكان إحراز الموضوع بالعلم ولا بالبيّنة ، والإهمال لا يجوز ، والاحتياط متعسّر أو موجب لاختلال النظام ، فدعت الحاجة إلى إحرازه بالاستفاضة ، ولو فرض تحقّق مقدمات الانسداد بأجمعها لم يكن بدّ من حجّيّتها حكومة أو كشفا فالدليل على هذا تامّ.
ولكن الكلام في تحقق المقدمات بأجمعها إذ على فرض تعذّر العلم الجازم فالوثوق ممّا يمكن تحقّقه غالبا وهو علم عادي يعتمد عليه العقلاء في أمورهم.
ولو سلّم عدم إمكانه فلم لا يرجع إلى الظنّ المطلق ويرجع إلى خصوص الشياع؟
ولو سلّم فلعلّ الواجب في أمثال المقام هو الاحتياط ، وإيجابه لاختلال النظام يمكن منعه فتدبّر.
__________________
(١) المسالك ، ج ٢ ، ص ٣٥٤.
(٢) مصباح الهدى ، ج ١٠ ، ص ٢٩٤.