لا يكون عنوان الموصلية قيدا مأخوذا في الواجب ، بنحو يجب تحصيله ، بل تكون عنوانا مشيرا إلى ما هو واجب في الواقع.
الثاني : أن يكون المتعلق للوجوب عبارة عن المقدمة الموصلة مع وصف الإيصال ، بحيث يكون قيد الإيصال أيضا مأخوذا في الواجب ، بنحو يجب تحصيله ، فإن كان مراد القائلين بوجوب المقدمة الموصلة فقط المعنى الأوّل (بأن يكون متعلق الوجوب ذات ما يوجد في الخارج مصداقا للموصل لا بوصف الإيصال) ، فيرد عليه : أنّ هذا ليس تفصيلا جديدا في مسألة وجوب المقدمة ، بل هو نفس التفصيل الذي ذكره بعضهم ، أعني اختصاص الوجوب بالمقدمة السببية ، فان المقدمة التي تكون موصلة في متن الواقع ، ويترتب عليها ذو المقدمة لا تنطبق إلّا على المقدمة السببية.»
يمكن أن يقال : إنّ المقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة لا تنحصر في السبب ، إذ الترتب لا يستلزم أن يكون المترتب عليه علة تامة للمترتب ، بل الترتب عبارة عن وقوع شيء عقيب شيء آخر ، فالمقدمة التي يترتب عليها ذو المقدمة ، كما يمكن أن تكون سببا يمكن أيضا أن تكون شرطا أو معدّا وجد بعده ذو المقدمة ولو بمعونة سائر المقدمات ، فإن الشروط مثلا بحسب الواقع على قسمين : بعضها مما يوجد بعده المشروط ؛ وبعضها مما لا يوجد المشروط بعده ، ومن عبّر بالمقدمة الموصلة فقد أراد مطلق الترتب لا خصوص العلة التامة. (١)
«وإن كان مرادهم المعنى الثاني ، بأن يكون الواجب عبارة عن المقدمة المقيدة بوصف الإيصال ؛ ففيه أنه يلزم على هذا أن يترشح من هذا الوجوب المقدمي وجوب مقدمي متعلق بذي المقدمة. فإن تحصيل قيد الإيصال لا يمكن إلّا بإتيان ذي المقدمة ؛ والالتزام بهذا المعنى مشكل جدا ، فتدبر.»
أقول : بل يلزم ترشح وجوبين غيرييّن تعلق أحدهما بذي المقدمة والآخر بذات المقدمة ، فإن المطلق أعني الذات جزء للواجب الذي هو الذات المقيدة بالإيصال حسب الفرض. (٢)
__________________
(١) نهاية الأصول ، ص ١٩٤.
(٢) نفس المصدر ، ص ١٩٥.