وربّما يظهر من كلام شيخنا الأستاذ في حكم الأجرة على الواجبات أنّ الوجه في ذلك هو عدم كون الأعمال المحرّمة من الأموال أو عدم إمكان تسليمها شرعا. وبملاحظة ما تقدّم يظهر لك ما فيه ، فإنّك قد عرفت أنّ صحة المعاملة عليها ووجوب الوفاء بها لا يجتمعان مع الحرمة النفسية سواء اعتبرنا الماليّة أو القدرة على التسليم في صحة العقد أم لم نعتبر شيئا من ذلك.» (١)
أقول : إن أراد أنّ مورد بحث فقهائنا (ره) الأعيان المحرّمة لا الأعمال فهذا ممنوع ، إذ النوع الرابع من المكاسب المحرّمة التي تعرّضوا لها هي الأعمال المحرّمة كالغناء والنوح بالباطل ونحوهما ، فراجع. وإن أراد عدم احتياج حرمة الاكتساب بها إلى البحث والاستدلال لوضوح حرمة المعاملة بها فله وجه. ولكن مع ذلك لا غنى فيها عن البحث ، إذ يمكن أن يتوهّم أحد أن مفاد أدلّة تحريمها هو التكليف ، ومفاد دليل وجوب الوفاء هو الوضع أعني صحّة المعاملة. ولكون العقد عنوانا طارئا فلعلّ اللازم تقديم حكمه على الأحكام الأوّليّة كما في سائر موارد تحكيم العناوين الثانويّة على العناوين الأوّليّة.
ومناقشته على ما استدلّ به أستاذه أيضا مدفوعة ، إذ مضافا إلى حسن تكثير الدليل على الحكم أنّ ما استدلّ به أستاذه مقدّم بحسب الرتبة على ما استدلّ به ، إذ البيع مبادلة مال بمال ومع فرض عدم الماليّة لشيء ولو شرعا لا يبقى موضوع للمبادلة حتى يبحث عن صحّتها أو فسادها. (٢)
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٢٤.
(٢) المكاسب المحرمة ، ج ١ ، ص ١٧٤.