الاعتبار كما هو المختار عندنا ، وإلّا لزم تحقق البيع بلفظ بعت خاليا عن القصد.
ولا أنّ البيع عبارة عن مجرّد الاعتبار النفساني من دون أن يكون له مظهر ، وإلّا لزم صدق البائع على من اعتبر ملكيّة ماله لشخص آخر في مقابل الثمن وإن لم يظهرها بمظهر.
بل حقيقة البيع عبارة عن المجموع المركّب من ذلك الاعتبار النفساني مع إظهاره بمبرز خارجي سواء تعلّق به الإمضاء من الشرع والعرف أم لم يتعلّق. وإذن فذلك المعنى هو الذي يكون موضوعا لحرمة البيع وكذا لحلّيته ، وهكذا الكلام في سائر المعاملات.» (١)
أقول : مآل هذا القول أيضا إلى القول الرابع وإن افترقا من جهة ، حيث إنّ الحرام على هذا القول هو المركّب من الإنشاء والقصد ، وعلى القول الرابع الإنشاء الجدي الملازم للقصد من دون أن يكون القصد جزء للموضوع. وهذا هو الأظهر ، إذ موضوع الأحكام التكليفيّة أفعال المكلفين بشرط صدورها عن قصد لا القصود ولا المركب من الأفعال والقصود كما لا يخفى.
القول السّادس : ما حكاه في مصباح الفقاهة ، قال :
«الوجه الثاني : أن يراد من حرمة البيع حرمة إيجاده بقصد ترتّب إمضاء العرف والشرع عليه بحيث لا يكفي مجرّد صدوره من البائع خاليا عن ذلك القصد.» (٢) وأورد عليه بما محصّله :
«أنّه لا وجه لتقييد موضوع حرمة البيع بذلك ، لإطلاق دليل الحرمة. فلو باع أحد شيئا من الأعيان المحرّمة كالخمر مع علمه بكونه منهيّا عنه فقد ارتكب فعلا محرّما وإن كان غافلا عن قصد ترتّب إمضاء الشرع والعرف عليه.» (٣)
أقول : لعلّ القائل بالقول السّادس أراد إرجاع الحرمة في المقام إلى الحرمة التشريعيّة وبيان أنّ المحرّم قصد التشريع. فتقييده موضوع الحرمة بقصد ترتّب إمضاء الشرع والعرف لبيان تحقّق التشريع الذي هو بنفسه من العناوين المحرّمة عندهم.
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٣٠.
(٢) نفس المصدر ، ص ٢٩.
(٣) نفس المصدر.