التحريم عموم دليل الإعانة على الإثم أو الملازمة بين حرمة الشيء وحرمة مقدّمته لجاز تقييد موضوع حرمة البيع بالتسليم والتسلّم ، فإنّ الإعانة والمقدّمية لا تتحقّقان إلّا بهما.» (١)
أقول : قد مرّ منّا : أنّ المحرّم في البيع وقت النداء ليس البيع بما أنّه معاملة بل بما أنّه عمل شاغل عن الجمعة ، ولذا يحرم كلّ عمل شاغل عنها ولا يحرم البيع غير الشاغل كما يقع في طريق السعي إليها. وأمّا في بيع المصحف والمسلم من الكافر وكذا في بيع الخمر والميتة ونحوهما فلا يبعد صحّة ما ذكره المحقّق الإيرواني (ره) إذ المقصود من النهي عنها عدم تسليط الكافر على المصحف والمسلم وعدم إشاعة الخمر والميتة في المجتمع. فالمحرّم فيها في الحقيقة هو التسليم والإقباض ، فتدبّر.
القول الرابع : ما اختاره الأستاذ الإمام (ره) في مكاسبه ، ولعلّه الأظهر وملخّصه :
«أنّ المحرّم على فرض ثبوته هو المعاملة العقلائيّة أي إنشاء السبب جدّا لغرض التسبيب إلى النقل والانتقال ، لا النقل والانتقال ، ولا هو بقصد ترتّب الأثر ، ولا تبديل المال أو المنفعة. ولا يعقل أن يكون المحرّم النقل وما يتلوه ، لأنّهما غير ممكن التحقّق بعد وضوح بطلان تلك المعاملة نصّا وفتوى. وإرادة النقل العقلائي مع قطع النظر عن حكم الشرع ولو لا عدم الإنفاذ ، لا ترجع إلى محصّل لعدم الوجود للنقل اللولائي. وما يمكن أن يتّصف بالحرمة هو المعاملة السببيّة أي الإنشاء الجدي بقصد حصول المسبّبات لا بمعنى كون القصد جزء الموضوع ، بل بمعنى أنّ موضوع الحرمة ، الإنشاء الجدي الملازم له.» (٢)
القول الخامس : ما اختاره آية الله الخوئي (ره) على ما في مصباح الفقاهة ، ومحصّله :
«أنّ ما يكون موضوعا لحلّيّة البيع بعينه يكون موضوعا لحرمته. بيان ذلك : أنّ البيع ليس عبارة عن الإنشاء الساذج سواء كان الإنشاء بمعنى إيجاد المعنى باللفظ كما هو المعروف عند الأصوليين ، أم كان بمعنى إظهار ما في النفس من
__________________
(١) مصباح الفقاهة ، ج ١ ، ص ٢٨ و٢٩.
(٢) المكاسب المحرمة للإمام الخميني (ره) ، ج ١ ، ص ٤ و٥.