جزم به بعض ـ دخل ما نحن فيه في الإعانة على المحرم ، فيكون بيع العنب إعانة على تملك العنب المحرم مع قصد التوصل به إلى التخمير وان لم يكن إعانة على نفس التخمير أو على شرب الخمر.» (١)
وممّن جزم بذلك الفاضل النراقي (ره) في العوائد ، حيث عقد فيه لهذه المسألة عائدة مستقلّة وقال ما ملخّصه :
«مقدمة الحرام إن كانت سببا له فهو حرام ومعصية كما ثبت في الاصول كوضع النار على يد زيد بعد النهي عن إحراقها ، وإن كانت شرطا له فإن لم يكن قصده من فعله التوصّل إلى المحرّم فلا شكّ في عدم حرمته وعدم كونه معصية ، كما إذا أوقد نارا في المثال أو اشترى فحما أو حطبا أو سافر إلى بلدة فيها من نهي من قتله أو فيها فاحشة أو خمر من غير أن يريد التوصل بها إلى الحرام. وإن قصد من فعله التوصل إلى المحرّم كأن يسافر إلى البلدة المذكورة لأجل قتل الرجل أو شرب الخمر ونحوهما فالظاهر كون هذا الفعل معصية وحراما ، فلو سافر بهذا القصد وحصل له مانع عن فعل أصل المحرّم ولم يفعله يكون آثما بأصل المسافرة عاصيا به مستحقا للعقاب لأجله ، بل لو فعل المحرّم يكون له العقاب والإثم لأجلهما. ويتفرع عليه أيضا حرمة المعاونة على هذه المقدمة إذا فعلت بقصد التوصّل وإن لم يعلم أنّه يحصل له التوصّل ويتمّ ما قصده وأراده ...» (٢)
هذا. والمصنّف ناقش في ذلك ، وقد مرّ منا أيضا أنّ المحرّم شرعا ليس الّا ما اشتمل على المفسدة وتعلّق به النهي المولوي النفسي دون مقدماته. فكما لا وجوب لمقدمة الواجب وجوبا شرعيا وإن أمر به إرشادا كما في قوله : «ادخل السوق واشتر اللحم» كذلك لا حرمة لمقدمة الحرام أيضا وإن كانت سببية وتعلق بها النهي صورة.
نعم لا نأبى عن تعلق النهي المولوي بها في بعض الموارد سياسة واحتياطا على ما قيل في غرس العنب للخمر وكتابة الربا والشهادة عليه ونحو ذلك. كما لا ننكر كون الإتيان بها بقصد التوصّل إلى الحرام مبغوضا من باب التجري. ولكن هذا غير عنوان العصيان المنتزع عن
__________________
(١) المكاسب المحرمة ، ج ٢ ، ص ٣٢٤.
(٢) عوائد الأيّام ، ص ٢٥ ، العائدة السادسة.