حيث التجري. ولو فرض حرمة التجري لم يكن البيع إعانة عليه بل على نفس الشراء ، وهو بنفسه ليس تجريا وحراما بل بضميمة قصد التخمير به ، إذ قد اعترف الفاضل بأنّ شرط الحرام ليس حراما إلّا مع قصد التوصّل به إلى الحرام.» وتوهّم انّ نفس الشراء وإن لم يكن تجريا لكنه مقدمة للتجري المحرّم فيكون محرما من جهة أنّه شرط للحرام ويكون البيع إعانة عليه ، مدفوع بما أوضحه المحقق الشيرازي (ره) في حاشيته ، ومحصّله :
«أنّ المفروض عدم كفاية المقدمية في التحريم ما لم تقع بقصد ترتب ذي المقدمة المحرم ، فلا يحرم الشراء في المقام ما لم يقع بقصد وقوع الحرام أعني التجري الأوّل ، فيكون تجريا ثانيا مقدمة للتجري الأوّل ، فيلزم التسلسل ، إذ ننقل الكلام حينئذ إلى هذا التجري الثاني فيقال : إنّ البيع مقدمة لذات الشراء وذات الشراء فيه ليس محرما بل إذا وقع بقصد ترتب التجري الثاني عليه ، فيحتاج إلى قصد ثالث ويحصل تجرّ ثالث وهكذا إلى ما لا نهاية له من القصود والتجريّات وفي كلّ مرتبة ليس البيع إعانة على الشراء بقصد التجري بل على ذات الشراء.» (١)
أقول : وقول المصنّف : «فافهم» لعلّه إشارة إلى أمرين :
الأوّل : أنّه على فرض صحة التسلسل ووقوع قصود وتجريات غير متناهية في الخارج لا ينفع الفاضل (ره) ، إذ مع ذلك لا يصير ذات الشراء محرما حتى يحرم البيع بعنوان الإعانة عليه ، والبيع مقدمة لذات الشراء لا للتجري المحرم.
الثاني : أنّه لا دليل على حرمة التجري شرعا وإن كان قبيحا عقلا. بل وزانه وزان العصيان والإطاعة المنتزعتين عن مخالفة الأوامر والنواهي المولوية وموافقتهما ، فهي عناوين واقعة في الرتبة المتأخرة عن الأوامر أو النواهي المولوية ومنتزعة عنها ، فلا يتعلق بأنفسها أمر أو نهي مولوي نفسي وإلّا لزم تسلسل الأوامر أو النواهي في كل مورد ورد فيه أمر أو نهي مولوي ووقوع إطاعات أو عصيانات أو تجريات غير متناهية واستحقاق عقوبات غير متناهية في مخالفة كلّ أمر أو نهي ، وهذا باطل جزما. وعلى هذا فالأمر المتعلق بعنوان الإطاعة كالنهي المتعلق بالعصيان أو التجري إرشادي محض ، فتدبّر.
__________________
(١) حاشية المكاسب ، ص ٥٠ ، ذيل قول المصنّف : ... مدفوع بأنّه لم يوجد قصد التجري.