.................................................................................................
______________________________________________________
والأقرب من هذه التفاسير : أنه يوم نزول الشمس برج الحمل ، لوجوه.
(ألف) : أنّه أعرف بين الناس وأظهر في استعمالهم ، وانصراف الخطاب المطلق الشامل لكلّ مكلّف إلى معلوم في العرف ، وظاهر في الاستعمال أولى من انصرافه إلى ما كان على الضّد من ذلك. ولأنّه المعلوم من عادة الشرع وحكمته ، ألا ترى كيف علّق أوقات الصلاة بسير الشمس الظاهر ، وصوم رمضان برؤية الهلال ، وكذا أشهر الحج. وهي أمور ظاهرة يعرفها عامّة الناس ، بل الحيوانات.
فان قلت : استعماله في نزول الشمس برج الحمل غير ظاهر الاستعمال في بلاد العجم ، حتّى أنّهم لا يعرفونه وينكرون على معتقده فلم خصّصت ترجيح العرف الظاهر في بعض البلاد دون بعض؟ وأيضا فإن ما ذكرته حادث ويسمّى النيروز السلطاني ، والأوّل أقدم حتّى قيل : انه منذ زمان نوح (عليه السلام).
فالجواب عن الأوّل : أنّ العرف إذا تعدّد انصرف إلى العرف الشرعي ، فان لم يكن فإلى أقرب البلاد واللغات إلى الشرع ، فيصرف إلى لغة العرب وبلادها ، لأنّها أقرب إلى الشرع.
وعن الثاني : بأنّ التفسيرين معا متقدّمان على الإسلام.
(ب) : أنّه مناسب لما ذكره صاحب الأنواء : من أنّ الشمس خلقت من الشرطين ، وهما أوّل الحمل ، فيناسب ذلك إعظام هذا اليوم الذي عادت فيه إلى مبدإ كونها.
(ج) : أنّه مناسب لما ذكره السيد رضى الدين علي بن طاوس قدّس الله روحه : إنّ ابتداء العالم وخلق الدنيا كان في شهر نيسان ولا شك أنّ نيسان يدخل والشمس في الحمل ، وإذا كان ابتداء العالم في مثل هذا اليوم ، يناسب أن يكون يوم عيد وسرور ، ولهذا ورد استحباب التطيّب فيه بأطيب الطيب ولبس أنظف الثياب ومقابلته بالشكر والدعاء والتأهّب لذلك بالغسل وتكميله بالصوم والصلاة المرسومة