فإن أحللت فطنتك في مغانيه ، وأجلت رؤيتك في معانيه ، كنت حقيقا أن تفوز بالطلب ، وتعدّ في حاملي المذهب.
______________________________________________________
وقال (عليه السلام) : «إذا كان يوم القيامة جمع الله الناس في صعيد واحد ، ووضعت الموازين ، فتوزن دماء الشهداء مع مداد العلماء فيرجح مداد العلماء على دماء الشهداء» (١).
فازدحم لذلك الطالبون ، وشمّر المجتهدون ، فجمعوا ، وألّفوا ، وأكثروا فيما صنّفوا. وأعانهم على ذلك صفو زمانهم المريع ، المخصوص بالنعت ، كزمان الربيع ، حتّى قال بعض المهاجرين (٢) في وقت الاغتراب لما آن له من الحلّة دنوّ الاقتراب : فقرأت عند وصولها (بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ) (٣)
وكان همّ ملوكهم تربية العلماء وتصدير الفقهاء. يعلم ذلك من مصنّفات علمائهم ومنشورات رؤسائهم. فالآن عفت الديار (٤) وشط (٥) المراد (المزار) وخبت (٦) من العلم ناره ، وقلّت أنصاره وأظلم منارة واستوعر مسلكه ومزاره وعزّ مناله وقلّت رجاله.
__________________
(١) البحار : ج ٢ ، ص ١٤ ، كتاب العلم ، باب ٨ ، حديث ٢٦.
(٢) كتب في هامش بعض النسخ (صاحب كشف الرموز) وهو الشيخ عز الدين الحسن بن ابي طالب اليوسفي الآبي ، ويعبر عنه في الكتب الفقهية بـ (الآبي) وابن الزينب ، وتلميذ المحقق ، وشارح النافع ، وهو أول من شرح النافع ، فرغ منه في شعبان ٦٧٢ ه (الذريعة : ج ١٨).
(٣) سورة سبأ : ١٥
(٤) وعفت الدار ، غطاها التراب فاندرست ، مجمع البحرين : ج ١ ، ص ٣٠٠ ، وهو من عفا الشيء ، إذا درس ولم يبق له اثر يقال : عفت الدار عفاء ، النهاية : ج ٣ ، ص ٢٦٦.
(٥) الشطة بالكسر : بعد المسافة ، من شطّت الدار ، إذا بعدت ، النهاية : ج ٢ ، ص ٤٧٥.
(٦) خبت ذكره : إذا خفي. لسان العرب : ج ٢ ، ص ٢٧.