وأنا أسأل الله لي ولك الأمداد بالإسعاد ، والإرشاد إلى المراد ، والتوفيق للسداد ، والعصمة من الخلل في الإيراد ، إنه أعظم من أفاد ، وأكرم من سئل فجاد.
______________________________________________________
كأن لم يكن بين الحجون الى الصفا |
|
أنيس ولم يسمر بمكة سامر (١) |
خصوصا علم الشرع الذي به نظام النوع.
وكان من أفصح مختصراته وأنقح مصنّفاته كتاب النافع ، أعني مختصر الشرائع : تصنيف المولى الأكرم والفقيه الأعظم ، عين الأعيان ونادرة الزمان ، قدوة المحقّقين وأعظم الفقهاء المتبحّرين ، نجم الملّة والحقّ والدين ، أبي القاسم جعفر بن سعيد الحلّي ، «قدّس الله نفسه الزكيّة» وأفاض على تربته المراحم الربانيّة.
قد احتوى على مباحث دقيقة وإنظار عميقة ، وأشار فيه إلى الخلاف في الأقوال والروايات ، مع شدّة اختصاره وبعد أغواره واحتجبت أسراره وراء أستار لا يكشفها إلّا الفقيه الكاسر ، والبارع الماهر ، إذ كان طويل المطالعة كثير المباحثة ، محيطا بأقوال الفقهاء مطّلعا على مئاخذ الفتاوى ، مع شدّة احتياج الناس إليه ، وإكباب الطالبين عليه.
فسألني جماعة من المشتغلين وطائفة من المتردّدين ، أن أشرحه في دستور (٢) يكون موضّحا لما كمن من أسراره ، ومؤدّيا إلى ما بعد من أغواره ، وافيا بحلّ رموزاته ومبيّنا لخلافاته ، مع ذكر حجّة كل متمسّك بما أعتمد عليه ، وإحصاء ما يرد
__________________
(١) هو من أبيات لعمرو بن حرث الخزاعي ، يتأسف بها على نفسه وقومه بعد ما تفرقوا عن مكة ، وكانوا خدّام الحرم قبل قريش ، الحجون : بالحاء المهملة والجيم والواو والنون كصبور ، جبل بأسفل مكة ، والصفا حجر بها أيضا ، والأنيس فعيل من الانس خلاف الوحشة ، ويسمر بفتح المضارعة وضم الميم كينصر ، من السمر : وهو بالسين والراء المهملتين كفرس حديث الليل ، ومنه السامر بصيغة الفاعل ، جامع الشواهد : ص ٢٢٥.
(٢) دستور : اي كتاب.