.................................................................................................
______________________________________________________
من الجواب عليه ، فوقفت عند ذلك وأحجمت (١) ، واستقلت فما أقلت. لعلمي بأنّ دون هذا المراد خرط القتاد (٢) ، واعتياد (واعتياض) السهاد عن الرقاد (٣) وكلّما ازددت مطلا وتماديا ، ازدادوا حثّا وتقاضيا. فلمّا طال الإلحاف ولم أجد بدا من الاسعاف ، وكلّته إلى نذر علّقته على شرط ، كالمعتصم إلى الاعتذار بحجّة والمتفصّي عن اقتحام اللّجّة. فحصل الشرط والموانع حاجزة والأسباب عاجزة ، فسوفت طلبا لخلوّ الخاطر وزوال المانع الحاضر ، فلم تزدد الموانع إلّا تضاعفا ، والأسباب إلّا ضعفا ، واستمرّت التشويشات والأعذار ، والزمان في التعاكس والادبار. وهزمت جيوش الشباب ، وعشش النسر في وكر الغراب (٤) وزاد علينا غريم مطالب بالقهر ، وهو لزوم الوفاء بالنذر.
فشرعت والقلب يتجرّع مرارات الفتن كالمجروح يجد (بجزّ) الشفار ، وأقدمت والفكر يتمضمض كاسات الاحن كالمقروح بذكاء النار (٥) ، والفهم تايه في شعاب الفيافي حين حرم ريّه من الورد الصافي ، مع تشويش الأراجيف المؤذنة (٦) لكلّ
__________________
(١) حجم عن الشيء : كف عنه وتأخر ، ومنه فأحجمت عن الكلام مجمع البحرين : ج ٦ ، ص ٣٢.
(٢) خرطت الورق ، من بابي ضرب وقتل ، حتّته من الأغصان. وهو أن تقبض على أعلاه ثمَّ تمرّ يدك عليه إلى أسفله ، ومنه المثل : دونه خرط القتاد ، مجمع البحرين : ج ٤ ، ص ٢٤٥ ، وفي لسان العرب : ج ٣ ، ص ٣٤٢ ، القتاد شجر له شوك أمثال الابر ، الى ان قال : وفي المثل : من دون ذلك خرط القتاد.
(٣) الرقاد : بالضم النوم ، يقال : رقد يرقد رقدا ، نام ، ليلا كان أو نهارا. مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ٥٤ ، والسهاد بالفتح ، الارق ، يقال : سهد الرجل بالكسر يسهد سهدا ، والسهد بضم السين لقليل النوم ، مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ٧٥.
(٤) في الحديث : نهى عن طروق الطير في وكرها. وكر الطير عشّه الذي يأوي اليه ، والجمع وكور وأوكار. مجمع البحرين : ج ٣ ، ص ٥١٣.
(٥) الذكاء بالفتح : شدة وهج النار واشتعالها. مجمع البحرين : ج ١ ، ص ١٥٩.
(٦) أي : المعلّمة.