.................................................................................................
______________________________________________________
الغصبى ، فاشتغل به عن ذلك فصار حراما فيبطل. وهذا انما يتم لو فرض مانعيته فيه ، من حيث هو ، عن الخروج عن المكان الغصبى حتى يحصل المنافاة.
ويمكن ان يقال : لا شك انه مأمور بالوضوء في المكان المباح ، إذ الشارع لا يجوّز الوضوء في المكان الغصبى ، وهو ظاهر ، والمفهوم عرفا ولغة من مثل هذا الكلام عدم الرضا بالوضوء في المكان الغصبى وبطلانه فيه وعدم قبوله منه في ذلك المكان ، فتأمل. ولانه لم يأت بالمأمور به عرفا وعلى حسب تعارف العامة كما هو الظاهر ، انه المعتبر في خطاب الشرع ، لا الأمور الدقيقة التي لا يدركها الا الحذاق مع اعمال الحذق التام والفكر العميق.
نعم العقل يجوّز الصحة لو صرح بأنه لو فعلت في المكان الغصبى بعد نهيك عنه ، لصح ، وعوقبت بما فعلت من مخالفة الأمر في الجملة.
ولمثله يمكن القول بالبطلان في كثير من العبادات ، بل بعض المعاملات والمناكحات وغيرها أيضا ، حتى بالبطلان في البيع يوم الجمعة وقت تحريمه ، بل ببطلان النكاح في المكان على تقدير تحريمه ما لم يفهم من دليل ، صحته. وتحقيق ذلك كله في التعليقات على العضدي. ولعل نظر المتقدمين الى هذا حيث حكموا ببطلان البعض ، والطهارة في المكان المغصوب كما هو المشهور الان أيضا بين المتأخرين قبل حدوث هذا التحقيق والتدقيق.
ثم اعلم ان الشارح (١) حكم هنا ببطلان الوضوء وأداء الزكاة والخمس والكفارة ، بل الصوم في الجملة بمجرد أن المكان من ضرورياته ، نقلا عن الشهيد ، مع ما عرفت هنا وفيما مر من اعتراضه على بطلان العبادة بالنهي وليس له سبب الا ذلك ، ونقل القطع عن المصنف بالبطلان في ذلك كله ، ولعله نظر الى ما صورناه أخيرا لما عرفت ، والله يعلم.
__________________
(١) قال في روض الجنان : وكما تبطل الصلاة فيه فكذا ما أشبهها من الأفعال التي من ضرورتها المكان ، وان لم يشترط فيها الاستقرار كالطهارة وأداء الزكاة والخمس والكفارة وقراءة القرآن المنذور ، واما الصوم في المكان المغصوب فقطع الفاصل بجوازه ، لعدم كونه فعلا لا مدخل للكون ، فيه ، ويمكن مجيء الاشكال فيه اعتبار النية فإنها فعل فيتوقف على المكان كالقراءة انتهى.