.................................................................................................
______________________________________________________
وأيضا تحقق ذلك في أكثر المكلّفين غير ظاهر ، الا على الوجه الذي ذكره بعض المتأخرين كما مرّ وخلو الآيات والأخبار والآثار يأبى ذلك.
وترك النبي والأئمة عليهم السلام ـ تكليف الخلق بالتعلم ، على وجه يقوله المتأخرون من وجوب تعلم جزئيات العبادات واجبا وندبا ، بعد تحصيل معرفة الله وصفاته الثبوتية والسلبية والنبوة والإمامة والمعاد الجسمانية بالأدلة اليقينية ، اما بالدليل أو بالتقليد لمن يجوزون تقليده الى الواصل الى المجتهد الحي العادل ـ دليل العدم. ويدل على الترك عدم النقل : لانّ مثله ، العادة تقضي بالنقل. بل الذي يفهم عدم الإيجاب ، والاكتفاء بما يعلمون ويوافق الحق اتفاقا حتى يعلم عدم الموافقة فيردوه الى الموافق. ويرشدك اليه الكثير من الاخبار مثل حكاية عمّار في التيمّم (١) وحكاية طهارة أهل قبا (٢) وغيره ، وانهم إذا سمعوا الشهادتين خلّوا سبيله أو قال : أنا مؤمن ، وكانوا يرضون ممن قال ذلك حين موته ويقولون : ان ذلك ينجيه مع فساد عقيدته الى الآن ، ويدل عليه الآيات والأخبار ، والشريعة السهلة ، ونفي الحرج.
وأيضا تركهم ذلك في بيان وجوب القصر في السفر ، فإنهم أطلقوا ، بل عمّموا ، وصرّحوا ، بفسق المتيمم (٣) مع علمهم بالنّاس أكثر منّا ، وإنّ في الناس من يجب عليه التكليف ، وانّ أكثر الناس لم يعرفوا واجباتهم ، بل في ذلك الزمان كان من لا يعلم أكثر ، والوجوب أوضح ، لإمكان تحصيل العلم من النص بسهولة ، وما نقل في شيء من ذلك ، مع النقل عنهم الأشياء المندوبة السهلة ، ولا يناسب الاكتفاء بالمجملات التي يستخرج منها الفقهاء في أمثال ذلك ، بل كان كل من فعل شيئا من العبادات مثل فعل ركعة بعد نقضها مع الكلام ، فقال أنا فعلت كذلك مع
__________________
(١) رواه العامة والخاصة. راجع الوسائل باب (١١) من أبواب التيمم. وفي صحيح مسلم ج ١ ص ٢٨٠ باب التيمم (٢٨) حديث (١١٢) ولفظ الحديث «ان رجلا أتى عمر ، فقال : إن أجنبت فلم أجد ماء؟ فقال : لا تصل. فقال عمار : ا ما تذكر يا أمير المؤمنين إذا أنا وأنت في سرية فاجنبنا فلم نجد ماء ، فأما أنت فلم تصل ، وأما أنا فتمعكت في التراب وصليت الحديث».
(٢) الوسائل باب (٣٤) من أبواب أحكام الخلوة.
(٣) الوسائل كتاب الطهارة باب (٢٨) من أبواب التيمم. فإنهم عليهم السلام نهوا عن الذهاب الى مكان لا يجد فيه ماء للوضوء فراجع