بعدهم ، وهم ملوك الموحدين. ومن هذه الجوامع يوجد جامع بديع جدا ، في قلب المدينة ، وهو الجامع الذي بناه علي بن يوسف ، أول ملك على مراكش ، ويسمى جامع علي بن يوسف. ولكن أحد ملوك الموحدين واسمه عبد المؤمن (١٣٨) هدمه وأعاد بناءه لا لشيء إلا لمجرد القضاء على اسم «علي» كي يحل اسمه مكانه. وقد كان هذا جهدا ضائعا ، لأن الناس قد ظلوا يسمونه باسمه القديم. هذا ويوجد أيضا بجوار القصبة تقريبا جامع آخر بناه عبد المؤمن نفسه ، وكان ثاني ملك من الأسرة التي قضت على دولة المرابطين وخلفتها (١٣٩) ، وبعدئذ جاء حفيده المنصور (١٤٠) ووسّعه بمقدار خمسين ذراعا من كل جانب وزيّنه بالعديد من الأعمدة التي جلبها من أسبانيا. وبني تحت هذا الجامع خزان مياه (١٤١) يتمثل في نفق وجعل سقفه من رصاص محفوف بقنوات تجري فيها المياه الهاطلة على السقف وتصب في الخزان. كما شيد منارة مبنية بحجارة منحوتة ضخمة ، شبيهة ببرج الكوليزيه في روما. ويبلغ محيط هذه المنارة مائة ذراع توسكاني (١٤٢) ، وهي أعلى من برج آزينليّ في بولونيا (١٤٣). ويرقى إلى هذه المنارة بواسطة درج يبلغ عرضه تسعة أشبار (١٤٤). ويبلغ سمك الجدار الخارجي عشرة أشبار (١٤٥) ، وسمك جدار المنارة الداخلي خمسة أشبار (١٤٦). ويوجد في داخل المنارة سبع غرف فسيحة (١٤٧) ، جميلة جدا ، بعضها فوق بعض. ويكون الدرج منيرا بشكل كامل لأنه يحوي ، من الأسفل للأعلى ، طاقات بهية ، مفتوحة بمهارة فنية عظيمة ، وهي أكثر عرضا من الداخل مما هي من الخارج. وعندما يصل الانسان إلى أعلى المنارة يجد منارة صغيرة يكون أعلاها هرمي الشكل ، يبلغ
__________________
(١٣٨) هو الخليفة الموحدي أبو محمد عبد المؤمن بن علي وحكم من ٢١ / ٨ / ١١٣٠ إلى ٣ أو ٧ / ٤ / ١١٦٣ م.
(١٣٩) لقد كان أول إمام الموحدين المهدي محمد بن تومرت وحكم من ٢٥ / ١١ / ١١٢١ إلى ٢١ / ٨ / ١١٣٠ م.
(١٤٠) أبو يوسف يعقوب المنصور وحكم من ٣٠ / ٧ / ١١٨٤ إلى ٢١ / ١ / ١١٩٩ م.
(١٤١) يسمى حزان المياه «ماجن» في أقطار المغرب ، وتقابل هذه الكلمة «صهريج» في المشرق (المترجم)
(١٤٢) نسبة إلى توسكانيا وهي مقاطعة إيطالية. والرقم الذي يذكره يساوي ١٢ ، ٥٥ م في حين أن محيط منارة الكتبية الشهيرة هو ٥٠ م.
(١٤٣) برلونيا مدينة إيطالية. والواقع أن ارتفاع الكتبيّة يقل عن البرج المذكور بثلاثين مترا لأن ارتفاع برج آز ينللي هو ٦ ، ٩٧ م وارتفاع الكتبيّة ٥ ، ٦٧ م ، وبالاضافة إلى ذلك لمّا كان برج آز ينللي ممشوقا أكثر فهو يتراءى أكثر ارتفاعا بكثير من الكتبيّة.
(١٤٤) كان شبر مراكش يعادل ٦ ، ٢١ سم ولما كان عرض درج الكتبيّة ٥ ، ١ م فكان يجب أن يقول سبعة أشبار.
(١٤٥) أي ١٦ ، ٢ م والحقيقة ٢ م.
(١٤٦) ٠٨ ، ١ م والحقيقة ٥ ، ١ م.
(١٤٧) هي خمس غرف فقط.