إطاره خمسة وعشرون ذراعا (١٤٨) ، أي قدر حجم المنارة تقريبا (١٤٩) ، ويبلغ ارتفاعها رمحين (١٥٠) ، وتضم ثلاثة أدوار مسقوفة عقدا يصعد اليها بسلّم خشبي. وقد ثبت ساق فوق قمة هذا الهرم ، بصورة محكمة ، وضمّت فيه ثلاث تفاحات فضية ، السفلى أكبر من الوسطى وهذه أكبر من العليا. وتزن الثلاثة ثلاثة وتسعين رطلا إيطاليا (١٥١). وعندما يكون الانسان في الطابق العلوي من المئذنة الصغيرة ، يجب عليه أن يدير رأسه في سائر الاتجاهات ، كما لو كان في قفص الصاري في سفينة. وإذا ما نظرنا إليها من أسفل ، لا يظهر الرجال ، مهما كانت قامتهم ، أكبر من أطفال في السنة الأولى من عمرهم. ويكتشف الناظر من أعلاها جبل آسفي الذي يقع على مسافة مائة وثلاثين ميلا من مراكش (١٥٢) ، كما ترى أيضا السهول المجاورة حول المدينة على مسافة خمسين ميلا تقريبا (١٥٣).
وهذا الجامع المذكور ليس كثير الزينة من الداخل. غير أن السقف مصنوع من الخشب المخرّم مثل كثير من السقوف التي نراها في كنائس إيطاليا. وهو من أجمل مساجد العالم. ولكنه اليوم مهمل لأن سكان مراكش اعتادوا ألا يقيموا فيه سوى صلاة الجمعة ، وكذلك لأن المدينة قليلة السكان جدا ، وخاصة في الأحياء الملاصقة ، حتى لقد أصبح من الصعوبة بمكان الوصول إليه بسبب أنقاض الخرائب التي تعرقل الطريق. وكان تحت الباب الرئيسي للجامع ، في الماضي ، مائة دكان لبيع الكتب (١٥٤) ، ولكن لا يوجد شيء منها الآن.
وتبدو هذه المدينة البائسة خاوية بنسبة الثلثين. وأصبحت الأراضي الخالية مزروعة بالنخيل والكرمة والأشجار المثمرة ، لأن السكان لا يستطيعون الحصول على شبر من الأراضي الصالحة للزراعة في خارج الأسوار لكثرة ما يتعرضون لغارات العرب. ويمكن
__________________
(١٤٨) أي ٣٥ ، ٢٥ م وفي الحقيقة هي ٢٩ ، ٢٧ م.
(١٤٩) هذا في الواقع نواة المنارة لأن جدار المنارة الصغرى هو امتداد لجدار المنارة الكبرى الداخلي.
(١٥٠) وهذا القسم من المنارة تعرض للتعديل ولكن كانت توجد رماح رياضية طويلة تبلغ حوالي ستة أمتار من الطول.
(١٥١) يزن الرطل ٠٧١ ، ٣٣٩ جراما ، فيكون المجموع ٥٣٣ ، ٣١ كيلو جرام.
(١٥٢) أو ٢٠٨ كم ، والحقيقة أن الكتلة الجبلية التي سيسميها المؤلف جبل بني ماجر لا تبعد اكثر من ١٠٠ كم عن مراكش على خط مستقيم.
(١٥٣) أي حوالي ٨٠ كم.
(١٥٤) ومن هذا جاء اسمه : «جامع الكتبيّة».