ينتشر في الحوض. وفي كل من زوايا الحوض الأربع كان يقوم فهد من رخام أبيض مبرقش ببقع خضراء مستديرة. ولا يوجد هذا المرمر في أي مكان إلا في بعض بقاع جبال الأطلس على مسافة مائه وخمسين ميلا من مراكش (١٧٥).
وبالقرب من البستان كانت توجد حديقة حيوانات تضم العديد من الحيوانات الوحشية كالزرافات والفيلة والأسود والودّان والتيوس الجبلية. وكان للأسود مع ذلك حديقة حيوان منفصلة عن بقية الحيوانات الأخرى ، ولا تزال تدعى ، إلى اليوم ، حديقة الأسود.
هذا وبالرغم من قلة مخلفات الماضي التي قدّر لها أن تبقى من هذه المدينة ، فإن الباقي يستطيع أن يجعلنا نؤمن بالفخامة والعظمة اللتين كانتا سائديتن في عصر المنصور. أما اليوم فلم يبق مأهولا سوى قصر الأسرة المالكة وقصر الرماة. ويسكن في القصر الأخير هذا حجّاب الملك وسائقو بغاله. أما البقية فقد تحولت إلى مأوى لأسراب الحمام البري والغربان والبوم وطيور اخرى من هذا القبيل. واما البستان الذي كان فيما مضى بهجة للناظرين فقد تحول الى مزبلة للمدينة. وقد تحول القصر الذي كان يضم المكتبة إلى حظيرة دجاج ، وتحول القسم الآخر إلى برج للحمام ، واستخدمت الخزائن التي كانت تضم الكتب أعشاشا لهذه الطيور. وقد كان المنصور هذا بالتأكيد أميرا عظيما ، إذ كانت سلطته تمتد من ماسّه إلى طرابلس من بلاد البربر ، وهي أشرف جزء في افريقيا. وما كان بالإمكان اجتياز امبراطوريته بالطول بأقل من تسعين يوما سفرا ؛ ودون خمسة عشر يوما لاختراقها عرضا.
وكان يحكم أيضا من أوروبا على كل القسم الذي يدعي بلاد غرناطة من أسبانيا والذي يمتد من طريف الى مقاطعة آراغون والذي كان يضم جزءا من قشتالة ومن البرتغال. ولم يكن المنصور وحده هو الذي امتلك امبراطورية بمثل هذا الاتساع ، فقد سبقه إلى ذلك جده عبد المؤمن (١٧٦) وأبوه يوسف (١٧٧) ولحقه (١٧٨) في هذا الاتساع ابنه أبو عبد الله محمد الناصر (١٧٩). وهذا الأخير هو الذي هزم من مملكة بلنسية ، وفقد من فرسانه بمقدار خسارته
__________________
(١٧٥) أي ٢٤٠ كلم.
(١٧٦) توفي في السابع من نيسان (ابريل) ١١٦٣ م.
(١٧٧) أبو يعقوب يوسف ، توفي في ٢٣ تموز (يولية) ١١٨٤ م.
(١٧٨) توفي في ٢١ كانون الثاني (يناير) ١١٩٩ م.
(١٧٩) توفي في ٢٥ كانون الاول (ديسمبر) ١٢١٣ م.