من المشاة أى حوالى ستين ألف رجل ، واستطاع ان ينجو بشخصه من هذه النكبة والعودة إلى مراكش (١٨٠). وبعد هذا الانتصار استرد النصارى شجاعتهم ، وتابعوا مشروعهم ، واسترجعوا في مدة ثلاثين عاما ، بلنسية ، ودانية ، واليقانط ، ومرسية ، وقرطاجنة ، وقرطبة واشبيلية وجيان وعبيدة. وعلى اثر هذه الهزيمة التي لا تنسى وهذه المجزرة ، أخذت أسرة ملوك مراكش تتدهور. وعند ما توفي محمد ترك ولدين بالغين أراد كلاهما الاستئثار بالسلطة. ولهذا السبب اقتتلا مما أدى لدخول عشيرة بنى مرين إلى مملكة فاس. وإلى هذه المناطق ، وبسبب ذلك تمردت قبيلة بنى عبد الواد أيضا واستملت مقاليد السلطة في تلمسان ، وطردت الحاكم المعيّن من قبل تونس ، وانتخبت الملك الذي ارتضته (١٨١). وتلك هي نهاية خلفاء المنصور. وهكذا آلت مملكة مراكش ليدي يعقوب بن عبد الحق ، أول ملك من أسرة بني مرين (١٨٢). وفي الختام ، خسرت مراكش شهرتها القديمة وظلت مهددة بغارات الأعراب في كل مرة يرفض السكان فيها إرضاء أي رغبة من رغباتهم. وما قلته حتى الآن عن مراكش إنما رأيت بعضه بنفسي ، رأي العين على الطبيعة ، واستقيته كذلك من «تاريخ مراكش» وهو مؤلف من سبعة مجلدات ، لمؤلفه ابن عبد الحق ، مؤرخ مراكش (١٨٣) ، وهذا يظهر أيضا في مختصرنا عن التاريخ الإسلامي.
__________________
(١٨٠) وهو الانكسار الرهيب الذي تعرض له المسلمون في موقعه حصن العقاب والذي كسبت فيه النصرانية معركة لاسنافاس دو تولوزه ، التي وقعت في سروات مورينا قرب مدينة كارولينا الحالية ، بتاريخ ١٤ صفر ٦٠٩ ه الموافق ١٦ تموز (يولية) ١٢١٢ م.
(١٨١) لقد خلف محمد الناصر إبنه يعقوب يوسف المستنصر دون منافسة تذكر ، ولكن من الصحيح أيضا القول ان العشيرة الزناتية بني مرين ، التي كانت تعيش حياة البداوة حتى ذلك الوقت في المناطق الصحرواية شرقي نهر الملوية ، ظهرت فجأة وبعنف في الاراضي الزراعية المعمورة من المغرب الأقصى وذلك خلال ربيع عام ١٢١٦ م في أعقاب انهيار جيش الموحدين والعصيان الخطير الذي قامت به عشائر زناته في المغرب الأوسط والذي أثاره الطامع المرابطي يحيى بن غانية. كما أن بني عبد الواد ، وهم من زناتة كذلك ، وكانوا من بدو منطقة تلمسان ، كان المجال واسعا أمامهم ، إذ لم يكن ثم حاكم تونسي يتخلصون منه. بل إن الخليفة الموحدي أبا العلا ادريس المأمون عهد هو بنفسه إلى شيوخ هذه القبيلة بحكم تلمسان لكي يقفوا في وجه أبناء عمومتهم المرينيين حوالي العام ١٢٣٠ م. وفي عام ١٢٣٦ م نادى أميرهم الجديد ، يغموراسن بن زيان بنفسه ملكا.
(١٨٢) لقد نودي بأبي يوسف يعقوب بن عبد الحق في شمالي المغرب يوم ٣٠ تموز (يولية) ١٢٥٨ م ، فاحتل مراكش على أثر موت الخليفة الموحدي أبى العلا ادريس ، المسمى ابو دبوس ، والذي قتل في ٣٠ آب (اغسطس) ١٢٦٩ م.
(١٨٣) ابن عبد الحق المراكشي ، مؤلف كتاب بعنوان «كتاب الذيل والتكمله»