بصفته ملكا ويستوفي ضريبة الجبل كي يستخدمها في الحروب التي تقع بين رعيته والرعية التي تسكن جبل تنزيته. ولديه قرابة عشرة آلاف فارس ، ولدى الوجهاء عدد مماثل تقريبا من المحاربين الفرسان ولديه ايضا مائة رجل من راشقي السهام أو من رماة البنادق.
وفي الزمن الذي ذهبت فيه الى هذه الانحاء كان اميرها على غاية في الكرم ، وكان اكثر شيء يحبه ان تقدم له الهدايا وأن يكال له المديح. ولم يكن له مثيل في البشاشة لأنه كان يعطي كل ما لديه وكان صدره ينشرح لسماع نطق اللغة العربية السليمة ، مع أنه لم يكن يفهمها ، وكان يغمره الفرح عند ما يأتي أحد ليسمعه بعض الثناء المنظوم في مدحه ، وحينما أوفد عمي من طرف ملك فاس سفيرا لدى ملك تومبوكتو (٢٩٥) اصطحبني معه. ووصلنا الى منطقة الدرعة ، التي تبعد بحوالي مائة ميل عن مقر هذا الامير (٢٩٦) الذي بلغت مسامعه شهرة عمي فجأة. وكان عمي خطيبا مصقعا وشاعرا ظريفا. وأرسل الأمير رسالة الى أمير الدرعة (٢٩٧) يرجوه بأن يرسل له عمي لأنه يرغب في رؤيته والتعرف عليه وقد اعتذر عمي وأجابه بأنه من المتعذر بالنسبة لرسول ملك ان يزور امراء موجودين في خارج طريقه ، وبذلك يؤخر خدمة الملك. وحتى لا يظن أنه متعاظم ، فإنه سيرسل ابن أخيه ليقبل يد الامير وهكذا أرسلني مزودا ببعض الهدايا الجميلة التي كانت تتألف من زوج من ركابات مزدانة بنقش على الطريقة المغربية تبلغ قيمتها خمسة وعشرين دينارا ، وزوجان من نطاقات من حرير مضفور بخيوط من الذهب ، الأول بلون بنفسجي والثاني بلون لازوردي ، ومن كتاب جميل جدا ذي جلد جديد عنوانه «حياة أولياء إفريقيا» واخيرا قصيدة مكتوبة في مدح الأمير وبدأت طريقي مع فارسين وقد استغرقت الرحلة اربعة ايام استخدمتها في نظم قصيدة هي أيضا على شرف هذه الشخصية التي نحن بصدد الكلام عنها.
وعند ما وصلت الى المدينة كان الامير يتهيأ لرحلة صيد مع تجهيزات كبيرة جدا وما ان علم بقدومي حتى استدعاني على الفور وبعد ان حييته وقبلت يده سألني عن خال عمي. فاجبته بأنه فيّ حال طيب وأنه في خدمة حضرته. وخصص لي مسكنا وطلب مني ان استريح ريثما يعود من الصيد. وعاد قبل الوقت المنتظر ليلا وطلبني للذهاب الى قصره.
__________________
(٢٩٥) هو آسكيا محمد توريه (حكم بين ١٤٩٨ ـ ١٥٢٨).
(٢٩٦) هي وار زازات بلا شك.
(٢٩٧) أي إلى مزوار الدرعة.