جبال الأطلس (٧٧) وتضم قرابة ستة آلاف أسرة ، وسكانها متكائفون جدا.
وقبل بناء هذه المدينة عاش أهالي هذه المنطقة في أثناء فترة طويلة في سلام متحدين ، ودام هذا بالفعل ما دام هؤلاء ريفيين. ولكن بعد ذلك تفشت الاختلافات بينهم ، وتشكلت أحزاب ، وتغلب بعضهم على بعض ، وجار الأعلون على الأدنين ، فخسر الذين كانوا في الوضع الأدنى ماشيتهم ولم يطيقوا الحياة في البوادي فاتحدوا وبنوا هذه المدينة.
وهي تقع في سهل بديع للغاية ، ويمر بجوارها نهر هزيل ، وتقوم حولها على مسافة ثلاثة أميال (٧٨) مزارع أشجار عديدة تعطي ثمارا ممتازة ، ولا سيما السفرجل وثماره فخمة جدا وزكية الرائحة ، وكذلك ثمار الرمان التي تبدو عجيبة في حجمها ونوعها لأنها تخلو تماما من البذور. وتباع بثمن بخس. أما الخوخ الأبيض وخوخ دمشق فإنتاجهما غزير جدا حتى إن الحمل منهما يباخ بخمسة إلى ستة بيوكشي (٧٩). ويجنى العناب بمقادير وفيرة في كل سنة ويؤكل في الشتاء مجففا وتنقل كمية طيبة منه إلى فاس لبيعها. هذا كما يوجد أيضا الكثير من التين ومن عنب التكعيبات ولكنه يستهلك طازجا. وتفرز ثمار التين نوعا من الدقيق عند ما يراد تجفيفها لحفظها ، أما العنب فلا يكون طيب المذاق إذا ما أكل جافا ، وتنتج المنطقة مقادير كبيرة من المشمش والخوخ حتى إنهم ليرمون كميات منها. وثمار هذا الخوخ ليست جيدة ، فهي غاصة بالماء وتكاد تكون خضراء. وتجنى مقادير لا تحصى من الزيتون ويباع القنطار فيه بدينار ونصف ، أو ما يعادل مائة رطل إيطالي. هذا ، والأراضي المحيطة بالمدينة خصيبة جدا. ويحصل منها على كمية كبيرة من الكتان الذي يباع أكبر قسم منه في فاس وفي سلا.
والمدينة في داخلها جميلة التنظيم والتنسيق ، وتكثر فيها المساجد الجميلة. كما تضم ثلاثة معاهد للطلبة وعشرة حمامات كبيرة للغاية ، ويعقد السوق خارج المدينة قرب الأسوار في كل أيام الاثنين ، حيث يجتمع فيه الكثير من عرب المناطق المجاورة الذين
__________________
(٧٧) ٣٤ كم.
(٧٨) ٥ كم.
(٧٩) بيوكشي وحدة نقد إيطالية. وهذه المعلومات تبدو كأنها تشير إلى تعادل رطل هذه المنطقة مع الرطل الإيطالي وهو ٣٣٩ جرام ، وإذا كان المثقال يعادل الدينار الإيطالي وهو ١٧ ، ١٢ فرنك ذهب ، فإن سعر كل ٣٤ كجم زيتون كان ٢٥ ، ١٨ فرنك ذهبي.