يأتون بأبقارهم وبأغنامهم وبسواها من الماشية ، كما يجلبون السمن والصوف. وجميع هذه الأشياء تباع بثمن زهيد.
وقد منح الملك (٨٠) هذه المدينة في أيامنا للأمير (٨١) كي يكون قسم منها من إقطاعته. ويقدّر أن هذا الأمير يجبي من المدينة ومن كورتها دخلا يمثل تقريبا ثلث ما تغلّه مملكة فاس. ولكن فاس عانت كثيرا في الماضي من الحروب التي نشبت بين أمراء هذه المناطق. وقد كلفتها كل حرب خسارة تقدر بثلاثين إلى أربعين ألف دينار. وتعرضت المدينة في عدة مناسبات للحصار في أثناء فترة طويلة امتدت إلى ستة أو سبعة أعوام في كل مرة. وحدث في أيامي على إثر تنصيب ملك فاس الحالي (٨٢) أن قام أحد أبناء عمه بثورة عليه وتلقى عون سكان مكناس التي كان حاكما عليها في عهد الملك السابق. فجاء الملك إلى مكناس مع جيشه وحاصر المدينة مدة شهرين تقريبا. ولما كان سكانها غير راغبين في التسليم فقد عمد الملك إلى إتلاف ممتلكاتهم. وبلغت الخسائر عندئذ خمسة وعشرين ألف دينار. وأخيرا قام حزب مؤيد للملك بفتح أحد أبواب المدينة وصمد بشجاعة أمام هجوم المتمردين وسمح للملك بدخول مكناس. وهكذا استرد المدينة واقتيد الثائر سجينا إلى فاس ولكنه تمكن من الهرب فيما بعد (٨٣).
وإجمالا تبدو مكناس مدينة جميلة وذات موارد كبيرة ، ولها أسوار جيدة ، وتتوسط منطقة خصيبة جدا. وتتمتع بماء طيب يأتيها بواسطة قناة تجلب إليها من مسافة ثلاثة أميال خارج المدينة (٨٤). وتوفر هذه القناة الماء للقصبة وللمساجد وللحمامات. وتقع كل الطواحين خارج المدينة على مسافة ميلين تقريبا (٨٥). وأهالي مكناس شجعان كالجنود ، دمثو الأخلاق ، ولكن ذكاءهم غير مصقول. ويشتغل معظمهم بالتجارة والصناعة ، ومنهم الأشراف والسراة. ولا يستنكف أحد من أبناء هذه المدينة من أن يحمّل بنفسه دابته بالبذور وينقل حمولتها إلى عامله الذي يفلح الأرض.
__________________
(٨٠) أبو عبد الله محمد البرتغالي.
(٨١) أخوه الناصر الكداد.
(٨٢) في سنة ١٥٠٤ م.
(٨٣) وهو مولاي زيان ، الأمير الذي تمكن في ليلة ١٢ إلى ١٣ أيلول (سبتمبر) ١٥١٣ أن يهرب من آزمور بالتدلي من فوق ، جدار السور بالاستعانة بحبل ، والذي تصالح مع ابن عمه سنة ١٥١٤ أمام ضريح مولاي سيدي بو عزة.
(٨٤) ٥ كم إلى الجنوب.
(٨٥) في اتجاه الشمال.