الفخاريات البيضاء ، أي غير المطلية ، كالقصعات والصحاف والقدور .. الخ. ونصادف بعد ذلك ساحة تقوم فيها مخازن لتجارة الحب (١٥٦) ، وهناك سوق أخرى تقع تماما في مواجهة باب الجامع الكبير (١٥٧) ، وهي مبلطة بالقرميد. تلك هي مختلف الأسواق المخصصة للمهن التي تكلمنا عنها ، ولكن توجد بعد ذلك دكاكين مبعثرة في هذا القسم من المدينة ، ومنفصل بعضها عن بعض ، باستثناء دكاكين باعة الأقمشة الصوفية والعطارين التي لا تكون إلا متجمعة في أمكنة متميزة.
* * *
ويوجد في فاس مائة وعشرون مؤسسة للنساجين. وهذه المصانع عبارة عن أبنية كبيرة مؤلفة من عدة أدوار مع قاعات فسيحة ، كقاعات القصور وتحوي كل قاعة عددا كبيرا من عمال نسج الكتان والقنب. وليس لدى مالكي هذه الابنية أي أدوات ، لأن معلمي النسيج هم الذين يملكونها ولا يدفعون سوى إجارة القاعات. تلك هي الصناعة الرئيسية في فاس. ويقال انها تكفل العمل لعشرين ألف عامل ومثل عددهم من الذين يعملون في الطواحين.
هذا ومن جهة أخرى يوجد مائة وخمسون مصنعا لقصاري الخيوط ويقوم معظمها قرب النهر وتتجهز هذه المصانع بالكثير من المراجل والخوابي المبنية لغلي الخيوط ولحاجات مهنية اخرى.
ونعثر في المدينة على بعض المستودعات الكبرى التي تنشر فيها الاخشاب المختلفة الأنواع ، ويقوم بهذا العمل رقيق النصارى الذين يقدم لهم مواليهم ما يعتاشون به بدلا عن الدراهم التي يستحقونها. ولا يمنحهم هؤلاء وقتا للراحة إلا نصف يوم الجمعة ، من الظهر حتى المساء ، فضلا عن ثمانية أيام موزعة على مختلف فترات السنة ، أي في أعياد المسلمين.
ويوجد أيضا بيوت عامة تمارس فيها البغايا مهنتهن بثمن بخس. وتستمد هؤلاء النسوة حمايتهن من قبل مفوض الشرطة أو من قبل حاكم المدينة.
__________________
(١٥٦) وتسمى الخانات في حلب ، والبوايك او البايكات في دمشق.
(١٥٧) أي جامع الاندلسيين.