الواردة من الخارج وينصب فيه كل واحد خيمته. وتقضي العادة أن يجتمع فيه الأشراف في جماعات صغيرة ويعهدون لجزار بذبح خروف ، ثم يقتسمون اللحم فيما بينهم ويعطون الرأس والكوارع للجزار أجرا له ، ويبيعون الجلد لتاجر الصوف. ولا يدفع هنا سوى رسم زهيد على المنتجات التي تباع في هذا السوق. ومن نافلة القول تحديد مقدارها. ولكن الشيء الذي لا أريد أن أغفل ذكره ، هو أنني لم أر في أي مكان آخر ، لا في أفريقيا ، ولا في آسيا ، ولا في إيطاليا سوقا توجد فيه بضائع بالقدر الذي يحتويه هذا السوق ؛ وأما قيمة ما يحتويه من بضائع فهذا شيء يستحيل تقديره (٢١١).
ويوجد في خارج المدينة جروف صخرية عالية تطيف بحفرة طولها ميلان ، ومنها يستخرج الحجر الذي يصنع منه الكلس (٢١٢) ، وفي الحفرة المذكورة تقوم أفران عديدة يحرق فيها الصخر الكلسي. وهذه الأفران كبيرة لدرجة أن بعضها يحتوي على ستة آلاف كيل من الكلس. والأشراف هم الذين يهتمون بهذه الصنعة ولكنهم من صغار النبلاء (٢١٣).
والى الغرب من فاس ، وفي خارج المدينة ايضا ، يوجد حوالي مائة مسكن من الأخصاص (٢١٤) القائمة على ضفة النهر. ويقطن هذه قصار والقماش (٢١٥). ويتم تبييض القماش على الصورة التالية : في كل فصل صيف يعمد كل قصار الى نقع أقمشته ثم ينشرها على المرج المجاور لكوخه. وعند ما تجف هذه يملأ من ماء النهر أو من السواقي قربة ماء مصنوعة من الجلد وذات مقبض خشبي ويرشه فوق أقمشته. وفي كل مساء يجمع أقمشته ويحملها لبيته أو للدكاكين المخصصة لبيعها. وهكذا تحتفظ المروج التي تنشر عليها الأقمشة بروائها الأخضر النضير على مدار العام. وعند النظر إليها من ساحة ما
__________________
(٢١١) لقد فقد سوق الخميس الكثير من الأهمية التي ذكرها المؤلف ، كما أنقرضت عادة الإشراف التي يشير إليها. وقد أدى بناء قصبة الشراردة إلى شطر هذا السوق إلى قسمين ، سوق صغار التجار قرب باب محروق ، وسوق الدواب في شمال وغرب القصبة المذكورة.
(٢١٢) ويسمى النورة في جزيرة العرب ، والجير في مصر وبلاد المغرب ، والشيد في فلسطين. ومن الكلس ظهرت عبارة كلسيوم في اللغات الأوربية.
(٢١٣) ويسمي مارمول حفرة أفران الكلس هذه افريغان ، ولا تزال قائمة قرب البرج الثاني الذي شيد بين ١٥٨٠ و ١٥٩٠ م.
(٢١٤) «لا تزال هذه الأحياء من الأكواخ تمثل ما يشبه العاهة في وجه كثير من المدن العربية ، وتدعى العشش في مصر ، والصرايف في العراق ، والصنادق في مدن الجزيرة العربية ، وأحياء القصدير من مدن المغرب» (المترجم).
(٢١٥) ومن هذا جاء اسم هذا الحي الذي يذكره مارمول باسم القصابين.