البرتغاليون سوبتة. وقد تأسست حسب رأي يعتبر صحيحا ، في أيام الرومان ، عند مدخل مضيق أعمدة هرقل. وقد كانت عاصمة كل بلاد موريتانيا لأنها كانت مقر الحكومة الرومانية. ولهذا منحها الرومان لقب الشرف ، وكانت مدينة متحضرة تماما. تضم الكثير من السكان.
وقد احتلها بعدئذ القوط الذين عيّنوا عليها أميرا. وظلت السلطة في أيديهم إلي أن قدم المسلمون إلى موريتانيا واحتلوا سبتة ، لأن يوليان ، أمير سبتة ، كان قد تلقى إهانة خطيرة من لذريق ملك القوط وسائر أسبانيا. ومن أجل ذلك اتفق يوليان مع المسلمين وأدخلهم الى مملكة غرناطة ، وكان ذلك سببا في هلاك لذريق وضياع مملكته. وهكذا احتل المسلمون سبتة واحتفظوا بها باسم خليفتهم الوليد بن عبد الملك ، الذي كان مقره دمشق في ذلك العصر (٣٥٤).
وراحت سبتة تنمو منذ ذلك العصر ، وحتى السنوات الأخيرة ، سواء فيما يتعلق بعمرانها او فيما يتعلق بعدد سكانها ، حتى لقد اصبحت اجمل مدن موريتانيا وأحفلها بالسكان. وكانت تحوي عدة جوامع ومدارس ، والكثير من الصناع ومن الأدباء ومن الناس المثقفين. وكان فيها عمال مهرة جدا في صناعة النحاس ، كصنع
__________________
ـ كتاب الدرب الانطوني. أما الكتلة الجبلية المجاورة فكان اسمها سبتم فراترس. ويفترض أن الاسم العربي «سبتة» قد اشتق من الاسم اللاتيني ، الذي أصبح في الاغريقية سبتيون. ومن المحتمل جدا أن اسم ستة كان كذلك اسمها المحلي. وفضلا عن ذلك فإن الرأي الذي يفترض أن اسمها قد تحرّف من الكلمة اللاتينية سيفيتاس ، ليس رأيا غير معقول ، فقد تحرفت هذه الكلمة الى سيوتات Ciotat في لهجة اهل البروفانس الفرنسي. «ومن المؤسف ان ترد في عدد من الكتب الجغرافية الجامعية العربية حاليا بإسم كويتا (المترجم).
(٣٥٤) يبدو أن سبتة ظلت ، حتى الفتح الإسلامي ، حوالي العام ٧٠٨ م ، آخر مكان حصين بيزنطي في الغرب ، وأنها لم تكن أبدا تخص الويز يغوط في اسبانيا ، الذين كانوا إلى حدّ ما سادة الساحل الافريقي من المضيق وكذلك الساحل الاطلنطي. ويطلق المؤلفون العرب اسم يوليان على الكونت الذي كان يحكم سبتة عند حملة عقبة بن نافع عام ٦٦٢ ـ ٦٦٣ م ، وعلى الكونت زعيم غمارة الذي كان يحكمها عند وصول جيوش موسى بن نصير. ويبدو أن الحاكم في أيام عقبة كان هو الكونت سمليسيوس. ونلاحظ أن المؤرخ ابن القوطية يذهب إلى أن يوليان الذي يسرّ مرور العرب إلى أسبانيا ليس هو يوليان حاكم سبتة ، بل هو تاجر أسباني غني ، كان يستورد الصقور والخيول الأصيلة ، وكان أرملا ، ولذلك عهد بابنته إلى لذريق ملك طليطلة كي تعيش في بلاطه. ولكن لذريق هذا اعتدى على عفاف الشابة ، التي أطلق عليها المؤلفون العرب لقب القحبة ؛ أي المومس وأن يوليان قدم إلى طنجة متذرعا برحلة تجارية واقنع طارق بن زياد ، زعيم مصمودة ، والذي كان يحكم باسم العرب ، بأن يلتمس من موسى بن نصير السماح له بالنزول في أسبانيا. وقد حدث هذا النزول في رجب عام ٩٢ ه / نيسان (ابريل) ٧١١ م في عهد الخليفة الوليد بن عبد الملك.