الشمعدانات ، والصحاف والمحابر والأشياء الأخرى. وكانت تباع هذه الأشياء كما لو كانت من فضة. وقد رأيت منها في ايطاليا ، وكان الكثير من الطليان يعتقدون انها من صنع دمشق ، ولكن مصنوعات دمشق تكون في الحقيقة أكثر جمالا واتقن صنعا.
وتظهر في خارج المدينة أملاك خاصة بديعة جدا مع منازل غاية في الجمال ، ولا سيما في ناحية سميت «الكرمة» بسبب كثرة الكروم التي زرعت فيها. ولكن أريافها هزيلة وكالحة. ولهذا السبب كانت هذه المدينة تشكو دائما شح الحبوب.
ويمكن رؤية ساحل غرناطة المطل على المضيق من داخل سبتة أو من خارجها. ويمكن تمييز الحيوانات فيه لأن المسافة على طرفي المضيق لا تزيد عن اثنى عشر ميلا (٣٥٥).
ولكن هذه المدينة البائسة تعرضت لتدمير شديد ، منذ وقت طويل ، على يد عبد المؤمن ، الخليفة والملك (٣٥٦) ، لأنها وقفت موقفا معاديا ، فاحتلها وهدم منازلها وحكم على عدد كبير من أعيانها بالنفي الدائم لمناطق مختلفة (٣٥٧) ، وتعرضت لنفس المصير من جانب ملك غرناطة (٣٥٨) ، الذي احتلها والذي لم يقنع بتخريبها بل اجلى اعيانها واغنياءها الى غرناطة. (٣٥٩)
وفي عام ٨١٨ ه (٣٦٠) استولى عليها اسطول ملك البرتغال وهرب الذين كانوا فيها. ودخل النصارى بدون عناء وظلوا فيها متوجّسين خوفا مدة ثلاثة أسابيع ، إذ توقعوا قدوم ملك فاس لنجدتها. ولكن أبا سعيد (٣٦١) الذي كان وقتذاك ملكا على فاس لم يكترث باستعادتها ، تخاذلا منه ، حتى أنه كان في وليمة راقصة عند ما نقل إليه النبأ فلم يقطع الاحتفال. وقد قضت مشيئة الله أن يقتل هذا الملك فيما بعد بصورة بائسة ، على يد أحد كتابه (٣٦٢) الذي كان يثق به ثقة مطلقة. وقتل مع سبعة من أبنائه لأنه حاول إغراء زوجة هذا الكاتب. وقد وقع هذا الحادث عام ٨٢٤ للهجرة (٣٦٣). وظلت ممكلة فاس
__________________
(٣٥٥) ٢٠ كم.
(٣٥٦) الحيفة الموحّدي عمد المؤمن
(٣٥٧) فى صيف عام ١١٤٨.
(٣٥٨) محمد الثالث من بني الأحمر.
(٣٥٩) فى ١٢ آيار (مايو) ١٣٠٦ م.
(٣٦٠) ٢٤ آب (أغسطس) ١٤١٥ م.
(٣٦١) أبو سعيد عثمان.
(٣٦٢) أبو فارس عبد العزيز الكناني.
(٣٦٣) عام ١٤٢١ م.