ذلك فنادق الأقمشة الصوفية ، والتي تستورد من كل أقطار أوربا مثل أجواخ البندقية ومايورقة ، وأجواخ إيطاليا الوسطى ، والمارش ، وبعد ذلك تباع أقمشة مصنوعة من شعر الماعز (٧٨) ، وشيئا فشيئا نصل إلى باب زويله حيث نجد عددا لا يحصى من الصناع. ويوجد قرب هذا الباب فندق خان الخليلي ، حيث يقيم التجار العجم. ويشبه هذا الفندق قصر أمير كبير ، فهو مرتفع كثيرا ، ومتين البنيان جدا ، ومؤلف من ثلاثة أدوار. ففي الطابق الأرضي توجد الغرف التي يستقبل فيها التجار زبائنهم ويمارسون تجارة البضائع العالية القيمة. والتجار الذين يملكون موارد عظيمة هم وحدهم الذين يملكون مستودعات في هذا الفندق. وتتألف بضائعهم من التوابل والأحجار الكريمة والأقمشة الهندية مثل الكريب ... الخ.
وعلى الطرف الآخر من الشارع الرئيسي يقع حي باعة العطور : كالزباد ، والمسك والجاوي. وهذه المنتجات وفيرة ، حتى إنه لو أراد أحدهم شراء أونس واحد (٧٩) من المسك ، يعرض عليه مائة رطل (٨٠) وهو أمر عجيب ويقع على جزء من هذا الشارع الرئيسي حيّ يباع فيه الورق الجميل الصقيل. والتجار الذين يبيعون هذا الورق يبيعون أيضا الحجارة الكريمة. وهناك مناد يحملها من مكان لآخر معلنا المزاد.
وعلى نفس الشارع يقع حي يقيم فيها الصاغة. وهم يهود تمر بين أيديهم ثروات كبرى. وفي حي آخر يوجد التجار الذين يبيعون كمية كبيرة من المنسوجات من النوع الفاخر ويكونون قد اشتروها من أهل المدينة أو من أناس مرموقين. وليست هذه الأشياء عبارة عن برانس أو عباءات أو خمارات بل قطع رائعة ذات قيمة لا يتصورها عقل. وقد رأيت فيما رأيت سجاف خيمة أسود اللون ، وهو مشغول بالإبرة ، ومغطى تغطية كاملة بشبكة من اللآلى. وقال لي البائع إن اللآلى تزن لوحدها خمسة واربعين رطلا (٨١) من الأرطال المصرية وقد بيع البساط لوحده دون اللآلى بمبلغ عشرة آلاف أشرفي. وقد رأيت الكثير من الأشياء الأخرى في هذه الدكاكين وبأسعار مماثلة.
__________________
(٧٨) كانت هذه الأقمشة عبارة عن منسوجات من شعر نوع معين من الماعز ، هو المرعز ، الذي يربى خصوصا في ضواحي قونية ، في آسيا الصغرى. وكان هذا القماش ناصع البياض للغاية ، وله نعومة الحرير.
(٧٩) ٢٥ ، ٢٨ غراما.
(٨٠) أو ٤٤ كغم.
(٨١) او ٢٠ كغم.