المذهب الشيعي الإسماعيلي أو مذهب الفاطميين الذين حكموا في القاهرة (٧٥). وهناك عدد من جوامع كبيرة معروفة أيضا ، ولكن ليس هذا مكان تعدادها واحدا فواحدا. وهناك أيضا بضع حمامات مشيدة بفن هندسي كبير.
ويضم الحي المسمى بين القصرين دكاكين يباع فيها اللحم المطبوخ في حوالي ستين دكانا ، وكلها مجهزة بالأواني القصديرية. ويباع في دكاكين أخرى ماء مصنوع من كل أنواع الزهور : ولأصناف المياه هذه مذاق لذيذ جدا ، ولهذا يشرب منه كل الأشراف ، أما الذين يبيعونه فيحفظونه في قماقم زجاجية أو من قصدير بديعة جذا ومنقوشة بمهارة. وبعد ذلك تأتي دكاكين أخرى تباع فيها الحلوى المعروضة بشكل أنيق جدا ، وتختلف عن التي تباع في أوربا : وهي من نوعين بالعسل وبالسكر. ثم يأتي باعة الفواكه الذين يبيعون الثمار القادمة من بلاد الشام كالكمثرى والسفرجل والرمان وما إلى ذلك من الفاكهة التي لا تنمو في مصر. ويوجد بين هذه الدكاكين عدد آخر من دكاكين مبعثرة تباع فيها الزلابية والبيض المقلي ، والجبن المقلي. ونجد بجوار هذه الدكاكين حيا مشغولا بالصناع من مختلف المهن الشريفة. وأبعد من ذلك قليلا نجد المدرسة التي بناها السلطان الغوري ، وهو الذي قتل في حرب مع سليم ، امبراطور الأتراك (٧٦). وتقع بعد هذه المدرسة فنادق الأقمشة ويضم كل فندق عددا كبيرا من الدكاكين. وتباع في أول فندق الأقمشة الأجنبية وكلها من النوع الأول ، مثل قماش بعلبك ، وهو قماش قطني غاية في النعومة ، وأقمشة الموصل ، أي نينوى ، وهي رائعة لنعومتها ولمتانتها ، وتصنع كل الشخصيات الكبرى والأشخاص المرموقون منها قمصانهم والقماش الذي يلفونه حول طاقياتهم لصنع العمامة. وبعد ذلك تأتي الفنادق التي تباع فيها أجمل أقمشة إيطاليا ، كالساتان الموشي ، والمخامل ، والتفتا والبروكار ، وأستطيع أن أوكد أني لم أر من أمثالها في إيطاليا ، حيث تصنع هناك (٧٧). وتقع بعد
__________________
(٧٥) وهو الخليفة الفاطمي الحاكم المنصور الذي حكم بين ٩٩٦ و ١٠٢٠ م وجامع الحاكم هو اليوم عبارة عن أطلال.
(٧٦) لقد بنى السلطان الأشرف قانصوه الغوري مدرسة انتهت سنة ١٥٠٣ م وبنى إلى جانبها ضريحه الخاص ، الذي أنجز سنة ١٥٠٤ والمدرسة والضريح يعتبران من أجمل مباني القاهرة. ولكن السلطان الغوري هلك بتاريخ ٢٥ آب (أغسطس) ١٥١٦ فى معركة مرج دابق قرب حلب ، بعد أن سقط عن جواده واختفت معالم جثته.
(٧٧) «يبدو أن هذه السياسة الاقتصادية التي تقضي بتصدير المصنوعات الممتازة لحساب السوق الخارجية كانت معروفة في أوربا منذ العصور الوسطى ، وهي ما يسمى بسياسة غمر الأسواق أوDumping أي بيع الأشياء الجيدة في الخارج بأسعار تقل عنها فى البلاد المنتجة ذاتها ، كحال الزبدة الفرنسية فى البلاد العربية ، والسيارات اليابانية. ويعتبر هذا قمة الوعي الاقتصادى» (المترجم).