الشمس ، واشداقها مفتوحة ، وكانت عصافير صغيرة بيضاء في حجم عصفور السمّان تدخل فيها. وتبقى بضع برهات ثم تخرج لتطير لمكان آخر. وقد استفهمت عن ذلك فقيل لي : «ان التماسيح تأكل الكثير من الأسماك والحيوانات الاخرى ، وتظل دوما بين لثتها وأسنانها فضلات لحم تتعفن وتتولد فيها ديدان صغيرة تزعج هذه الحيوانات. وترى هذه العصافير الديدان في أثناء طيرانها فتدخل في شدق التمساح لتأكلها. ويقوم التمساح بغلق شدقه ليبتلع العصفور ، ولكن للعصفور فوق قمة جمجمته شوكة قاسية حادة توخز سقف حلق التمساح فيفتح له شدقه من جديد ، وبذلك يهرب العصفور. ومما لا شك فيه لو قدّر لي الحصول على واحد من هذه العصافير لسردت هذه الحكاية بوثوق أكبر.
وتضع التماسيح بيوضها على الارض وتسترها بالرمل. وما أن تتخلق صغارها حتى تهبط في النهر. وهناك أيضا بعض التماسيح التي تتحاشى الماء وتعيش في الصحراء. وهذه الاخيرة تكون سامة ، ولكن ليس للتماسيح التي تعيش في الماء سم. ويأكل كثير من الناس في مصر لحم التمساح ويؤكدون انه طيب جدا. ويباع شحم التماسيح في القاهرة بثمن غال للغاية. ويقال إنه يفيد في شفاء الجروح المزمنة والمتقرّحة.
ويصاد التمساح حسب الطريقة التالية : يستعين الصيادون بحبل طوله مائة ذراع (٨٥) أو أكثر من ذلك ويربطون رأسه بشكل متين بشجرة كبيرة أو بعمود مغروز في الارض لهذا الغرض على ضفة النيل. ويثبتون في النهاية الاخرى من الحبل كلّابة من حديد طولها ذراع (٨٦) ويعادل غلظها إصبع الانسان ويربطون بها نعجة أو عنزة حيّة. ويخرج التمساح من الماء ويتقدم للضفة ويبلع الحيوان على التوّ مع كلّابة الحديد التي تخترق احشاءه وتثبت فلا يمكن إخراجها. وحينئذ يقوم الصيادون بلفّ الحبل تارة او يجرّونه ناحيتهم تارة أخرى ، ويقاوم التمساح ويلطم الارض بذيله من هنا وهناك. وأخيرا يغلب على أمره ويسقط بجسمه كأنه ميت. وحينئذ يقتله الصيادون بضربات الحراب ، فيثقبون شدقه واعلا قائمتيه الاماميتين ، وعند البطن حيث يكون الجلد قليل الثخانة ، في حين يكون جلد الظهر سميكا جدا وقاسيا للغاية. فلا تستطيع
__________________
(٨٥) ٦٧ م.
(٨٦) ٦٧ سم.