والمستفاد منه ومن الموثق السابق بطلان الوضوء بالجفاف مع التأخير خاصة لا مطلقاً ، فإطلاق القول ببطلانه به غير وجيه ، بل مقتضى استصحاب بقاء الصحة صحته لو جفّ بدونه .
وبالجملة الأصل مع فقد ما يدل على البطلان حينئذ ـ لاختصاص الخبرين بحال الضرورة الخاصة ـ دليل الصحة لو جفّ مع الموالاة لشدة حرارة ومثلها ، بحيث لولاها واعتدل الهواء لما جفّ وتمّ الوضوء . ويظهر من الذكرى ـ كما سيأتي ـ كونه وفاقاً بين الأصحاب (١) ، مضافاً إلى الرضوي ، وفيه : « فإن فرغت من بعض وضوئك وانقطع بك الماء من قبل أن تتمّه ، ثم اُوتيت بالماء ، فأتمّ وضوءك إذا كان ما غسلته رطباً ، فإن كان قد جفّ فأعد الوضوء ، وإن جفّ بعض وضوئك قبل أن تتمّ الوضوء من غير أن ينقطع عنك الماء فامض على ما بقي ، جفّ وضوؤك أو لم يجف » (٢) .
وبمضمونه أفتى الصدوقان في الرسالة والمقنع (٣) . وينبغي حمله ـ ككلام الصدوقين ـ على الجفاف لنحو شدّة الحرّ لا علىٰ اعتدال الهواء ؛ لعدم تبادر غير ما ذكر منهما . ويؤيده ظاهر خبر حريز عن مولانا الصادق عليه السلام كما عن مدينة العلم (٤) ، وعن التهذيب وغيره الوقف على حريز قال : فإن جفّ
____________________
=
أبواب الوضوء ب ٣٣ ح ٣ .
(١) الذكرى : ٩٢ .
(٢) فقه الرضا « عليه السلام » : ٦٨ ، المستدرك ١ : ٣٢٨ أبواب الوضوء ب ٢٩ ح ١ .
(٣) نقله عن والده في الفقيه ١ : ٣٥ ، المقنع : ٦ .
(٤)
حكاه عنه في الذكرى : ٩١ ، وكتاب مدينة العلم للشيخ الصدوق ، أبي جعفر ، محمد بن
علي ابن الحسين بن موسي بن بابويه القمي ، وهو أكبر من كتاب من لا يحضره الفقيه ،
ولكنّه ليس مرتبا على الأبواب ، بل هو نظير روضة الكافي ، وقد عدّه بعض علمائنا الأبرار خامس
اُصولنا الأربعة التي عليها مدار الشيعة في جميع الأعصار ؛ فالأسف على ضياع هذه النعمة
العظمى من بين أظهرنا وأيدينا من لدن عصر والد الشيخ البهائي ، مع نهاية اهتمام علمائنا
في تحصيله ،
=