ومستند الأخير إطلاق ما تقدم من الأخبار . وهو ضعيف لفقد ما يدل فيه على العموم ، وضعف دلالة الإِطلاق عليه من حيث قوة احتمال وروده مورد الغالب ، وهو زيادة موادّ الحمّامات عن الكرّ غالباً .
ثم إن هذا لدفع النجاسة عن مياه الحياض ، وأمّا لتطهيرها لو انفعلت بالملاقاة فلا ، بل لا بد في المادة من اعتبار الكرية بلا خلاف حتى من المصنف على ما قيل .
وهل يكفي مقدار الكرّ فيها ، أم لا بدّ فيها من الزيادة بمقدار ما يحصل به الامتزاج لما في الحياض ؟
قولان (١) مبنيّان على الاختلاف في اعتبار الامتزاج بالماء الطاهر في تطهير القليل أو الاكتفاء بمجرد الاتصال .
ولا ريب أن الأول أحوط وأوْلى لو لم نقل بكونه أقوى .
وابتناء القول الأول على الثاني دون الأول مبنيّ على ما هو المشهور من اعتبار الدفعة العرفية . وأما مع عدم اعتبارها ـ كما ذهب إليه جماعة من أصحابنا (٢) بناءً على عدم الدليل عليها ـ فيكفي مقدار الكرّ فيها ولو قلنا بالأول كما لا يخفى ، وهو غير بعيد . والله العالم .
وفي نجاسة ماء الحياض بالملاقاة حين الاتصال بالمادة مع الشك في كريتها ـ بناءً على اعتبارها فيها خاصة أو مع ما في الحياض ـ وجهان ، بل قيل : قولان .
وينبغي القطع بالطهارة لو طرأ الشك بعد تيقن الكرية فيها ؛ لاستصحابي بقاء الطهارة والمادة على الكرية ، وعمومي الأصلين : البراءة ، وكل ماء طاهر
____________________
(١) ذهب إلى الأول : المحقق الثاني في جامع المقاصد ١ : ١١٣ ، الشهيد الثاني في روض الجنان ١٣٧ ، وإلى الثاني : صاحب المدارك ١ : ٣٧ .
(٢) منهم الشهيد في الذكرى : ٨ ، وصاحب المدارك ١ : ٤٠ .