واستدل لهما بعض المتأخرين (١) تارة : بالصحيحين الحاكمين بالإِجزاء ، معلّلين له بأيّ وضوء أطهر من الغسل ؟ ! (٢) .
وهما لعدم عمومهما ـ لفقد اللفظ الدال عليه فيهما ، وانصرافهما إلى الفرد المتبادر الغالب الذي هو الغسل عن الجنابة ، مع ظهور صدر أحدهما فيه وبه تعلّق الجواب ـ لا يصلحان لصرف الأخبار المتقدمة عن ظواهرها . وليس في التعليل إشعار بالعموم ؛ لاحتمال الخصوصية ، ونفيها هنا فاسد بالبديهة .
واُخرى : بما دلّ على بدعيته مع الغسل كالصحيح وغيره (٣) .
وفيه ـ مع ما تقدّم من الإِطلاق المنصرف إلى ما تقدّم ـ : متروكية ظاهرها على تقدير تعميمها ، كيف لا ؟ ! والاستحباب معتقد الخصم ، والرجحان والمشروعية في الجملة مجمع عليه ، وهو من أعظم الشواهد على حمل الغسل المطلق فيها وفي غيرها على ما ذكرنا .
واُخرى : بالأخبار النافية له عن غسل مثل الجمعة والعيد ، معلّلاً في بعضها بما تقدّم من العلّة (٤) .
وهي ـ مع قصور أسنادها كملاً ، وضعف أكثرها قطعاً ـ معارضة بالصحيح المتقدم (٥) الآمر به في غسل الجمعة . ولا شيء منها تبلغ قوة المقاومة له ولو
____________________
(١) كالعلّامه في المختلف : ٣٣ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٥٩ ، وصاحب الحدائق ٣ : ١٢٠ ـ ١٢١ .
(٢) الأول :
التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٢٦ / ٤٢٧ ، الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ١ .
الثاني :
التهذيب ١ : ١٣٩ / ٣٩٢ ، الوسائل ٢ : ٢٤٧ أبواب الجنابة ب ٣٤ ح ٤ .
(٣) المتقدم في ص : ٢٣٦ .
(٤) الوسائل ٢ : ٢٤٤ أبواب الجنابة ب ٣٣ .
(٥) في ص : ٢٣٨ .